من الواضح أن الخيار العسكري ليس حلا للبرنامج النووي الإيراني. لأنه حتى على افتراض النجاح التام لقصف المنشآت النووية الإيرانية فإن ذلك لايعني أن إيران فقدت قدرتها العلمية والعملية على تخصيب اليورانيوم وإنتاج القنابل النووية إن هي أرادت. إذا كانت الحال كما قلنا وهذا مالا ينكره العسكريون بمن فيهم الإسرائيليون فلماذا هذا الإصرار الإسرائيلي على القصف؟ ولماذا تبدأ الاستعدادات البحرية الإسرائيلية مع الضوء الأخضر الأمريكي الذي قالها صريحة بأن لإسرائيل الحق بالتعامل مع الخطر النووي الإيراني بالأسلوب الذي تراه بما في ذلك الخيار العسكري؟ المبرر لقصف المنشآت الإيرانية هو أن من شأن القصف أن يؤخر البرنامج النووي الإيراني خمس سنوات على الأقل. وهي تراهن أنه خلال تلك السنوات الخمس سيتحرك التيار المعارض لسياسة أحمدي نجاد وتوجهاته باستلام دفة الحكم وأن العداء تجاه إسرائيل سيخبو بل قد يُستبدل بعلاقات طبيعية بين إسرائيل وإيران. ولإسرائيل قدرة كبيرة على الاختراقات الدبلوماسية فاقت نجاحاتها العسكرية. شواهد هذا النجاح قديمة حيث اجتازت دبلوماسية إسرائيل كل العوائق وأقامت علاقات مع دول آسيوية وأفريقية بل لقد دكت حصون المقاطعة الإسلامية والعربية. أما سيناريو الهجوم فبرغم أنه قد يكون إسرائيليا في البداية إلا أنني لا أستبعد دخول أمريكا بحجج ربما يجري طبخها في مطابخ السياسة والاستخبارات. وقد يتركز على صواريخ دقيقة توجه بنظام GPS تطلق من مدمرات وغواصات إسرائيلية تشاركها غارات جوية تستخدم فيها طائرات ستيلث. على افتراض نجاح الهجوم فإنه سيوحد الإيرانيين وسيجمعهم في خندق واحد من جديد. وقد يقضي الهجوم الإسرائيلي المزمع على الحركة الديموقراطية في إيران التي أفرزت أول اختبار حقيقي للجمهورية الإسلامية الإيرانية. كما أنه قد يدفع الإيرانيين إلى تخطي جميع الخطوط الحمراء في سبيل الحصول على القنبلة النووية مما يعني أن الهجوم الإسرائيلي قد يؤدي إلى نتائج عكسية.