ألا في الوصال الى الخليل سبيلا والموت يشعب لام كل خليلا كيف أن ينام فتىً قد أضحى شمله متمايز ٍ وقواه غير وصيلا أضحى لدى الوفرا وفي وادي القرا له بين هذيك الحثام خليلا غرو ٍ غرير ٍ استمال بمهجتي ود ٍ لها وكذا المحب يميلا عجمية ذا تو بان اعرابها ولها حديث يوجب التطليلا تلوي بنانيها علي الى بدا يوم ٍ لنا بعد المقام رحيلا لو غبت عنها فرد يوم ٍ واحد فهو كما دهر ٍ علي طويلا فالى نيدينا بالفراق تبادرت عيني في يوم الوداع هميلا اوصيك يا حمزه فيها واختها كسلا ولا يعطى الوصاة علولا رف ياحبيبي بي لهن ولا تكن فظ ٍ فتورث في حشاي شعيلا واياك وان تدع العمومه تكله فالعم من عاد الزمان وبيلا لو كانوا اجواد ٍ فقلبي خايف منهم وكل فتى ً بداه دليلا ان ينقلب لين القلوب جفاسه او يبتدل بشش الوجوه بديلا او يأكمون قلوبهم فيستوي لعيونهن على الخدود هميلا او يلطمون خدودهن تعمد فعسى يد ٍ تعلا الخدود شلولا فان كنت ساع ٍ في رضاي وخايف غضبي وقول ٍ بالعباد وقيلا فان بت في خير ٍ وجت لزياره منهن عجفا والثياب سمولا فإياك يا ولدي ان تصد وبادها بالخير والترحيب والتسهيلا وابعض لها مما تحوش ولا تكن ممن يرى المد الزهيد جزيلا وابد البشاشه للضيوف ولا تكن امرئ يسب بين الملا ذليلا تمد وهي بجحانة ٍ مسروره وتطول بين أعادي وخليلا حتى تقول الناس غب مزارها ما للأصول الجيدات مثيلا هذاك يا ولدي مايسر ظمايري ان عاد لي من الحياة طويلا واعلم بان مهينهن يهينني وان الذي يحكي لهن جليلا يسرهن ما سرني ولو هفى دوني صفايح حفرة ٍ ومهيلا الشاعر هو أبو حمزة شفيع من بني شبانة بن قديمة بن شبانة بن عامر بن عوف بن مالك بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. عصر الشاعر من خلال مدح الشاعر للأمير كبش بن الأمير أبي عامر منصور والذي تولى إمارة المدينة سنة 725ه وقيل 727ه و قتل في نهاية شهر رجب من عام 729ه. يكون شاعرنا من مواليد أواخر القرن السابع الهجري وعاش إلى منتصف القرن الثامن الهجري. دراسة النص الأبيات متجزئة من قصيدة تبلغ أربعة وخمسون بيتاً وهي وصية من الشاعر لابنه حمزة بدأها في حث الابن على الاهتمام بأخواته والإحسان إليهن وهو ما اخترنا تناوله في هذا الجزء وسنستكمل بقية الوصية في الجزء الثاني بمشيئة الله تعالى، فالشاعر بدأ قصيدته متسائلاً ومتمنياً مشاهدة طفلته الصغيرة (كسلا) قبل أن يحضره الموت، ثم يستغرب كيف ينام من فارق أحبته بعد أن تباعدت بهم الديار، محدداً مكانه في الوفرة شمال شرق الجزيرة العربية، وابنته في وادي القرى في نجد، ثم يبين أن الشوق إلى أحاديث طفلته الصغيرة قد أخذ منه كل مأخذ، ويبين مدى استمتاعه بمحادثتها رغم أنها لم تفصح الكلام بعد، ثم يتذكر لحظات الوداع وكيف أنها تتشبث به لآوية أناملها الرقيقة عليه حينما علمت بسفره مؤكداً أن يوما يغيبه عنها فكأنما هو عليه دهر طويل، وكيف أن الدموع كانت تتساقط من عينيه بغزارة في لحظات الوداع، ليوجه الخطاب إلى ابنه حمزة ويوصيه ب (كسلا) وبأختها، مؤكداً أن الرجل الرديء لا يخصه أحد بوصية، ولذلك هو اختاره لكونه رجلاً جديراً أن يوصى، ثم يطلب منه الرأفة بأخواته؛ مبرة بوالده، وألا يكون فظاً معهن، وهو ما ينافي البر بالوالد، وأن لا يكل أمرهن إلى الأعمام، رغم أنهم كرماء وأخلاقهم رفيعة، ولكنه يخشى أن ينقلب لين القلوب إلى قسوة، وتتبدل بشاشة الوجوه، فيكون نتيجة ذلك جرح مشاعر البنات اللاتي لا يملكن حيال ذلك سوى الدموع والبكاء، كما يخشى أن يتعرضن الإهانة والضرب ويدعو على من يفعل ذلك بالشلل، ثم يشدد على ابنه قائلاً: إن كنت تبحث عن رضاي وتخشى غضبي وتخشى لسان الناس الذي لا يرحم، فإذا جاءت إليك إحداهن في زيارة ووجدت أن حالها هزيل وثيابها رثة فلا تعرض عنها وبادرها بالكلام الطيب، وبالترحيب وابذل لها العطاء ولا تكن ممن يرى العطاء القليل كثيراً، بل أجزل لها في العطاء وابد السرور بذلك ولا تكن ذلك الشخص البخيل الذليل الذي تهجوه الناس وتستنقصه، فكونها تغادرك وهي فرحة مفتخرة بما بذلت لها، فذلك مما يزيدك رفعة ومكانة بين الأعداء والأصدقاء على حال سواء، وستجد الثناء من الناس الذين يؤكدون أصالة المنبت، كما أن هذا الفعل الجميل هو ما يسعد الوالد إذا امتد به العمر، مؤكداً أن من أهان بناته فإنما يهينه وإن من يقدرهن فإنما يقدره كما أن سعادتهن إسعاد له ولو كان في قبره. وتحتوي هذه الأبيات على عاطفة أبوية جياشة نحو ابنته، وقيمة عربية أصيلة في الاهتمام بالبنات، وأنها كانت سائدة في ذلك المجتمع الذي منه الشاعر، وهذا على النقيض مما كان سائداً في الجاهلية، من وأد البنات، حيث كانت تزين البنت ويذهب بها والدها إلى الصحراء ويدفنها حية وهي تناديه!! وتعتبر الأبيات شاهداً على القيم الإسلامية السمحة، التي امتثل بها أبناء الجزيرة العربية من حسن القوامة على النساء، والاهتمام بهن ومراعاة مشاعرهن، والحض على صلة القربى فيهن، والإحسان إليهن، وإكرامهن، وإشعارهن بالمحبة والاحترام، ومنع الظلم عنهن، أو هضم حقوقهن، وجعل ذلك من شيم ومناقب الرجال، التي تفتخر بها العرب، وكل ذلك امتثالاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وضم أصابعه).