لا افهم كثيرا سر تلك البهجة التي عاشها كثير من الكتاب والمثقفين المصريين اخيرا بسبب ما أسموه بالهزيمة القضائية الأولى التي لحقت بالشيخ يوسف البدري. ويوسف البدري هو الشيخ المعمم الذي اشتهر بقضايا كثيرة تندرج تحت باب دعاوى الحسبة دأب على رفعها للقضاء المصري منذ سنوات ضد الكثير من المثقفين والفنانين والوزراء في مصر، بل انه لاحق بعض المثقفين العرب بسيل دعاواه التي لا تنتهي. والغريب ان البدري ربح كل تلك القضايا التي تجاوزت العشرات وطالت رموزا ثقافية مرموقة مثل نصر حامد ابو زيد واحمد عبد المعطي حجازي وجابر عصفور وعادل امام وفاروق حسني وجمال الغيطاني وعبد الصبور شاهين وحلمي سالم وجهاد الخازن.. وغيرهم، فقد نجح البدري على سبيل المثال في تفريق نصر حامد ابو زيد عن زوجته قضائيا مع وقف التنفيذ على ارض الواقع بسبب تغيير ابو زيد لأرض الواقع من خلال هجرته للخارج.. كما نجح في الحصول على حكم اخر ببيع اثاث منزل االشاعر احمد عبد المعطي حجازي، وحكم ثالث بحجب جائزة الدولة عن الشاعر حلمي سالم، وغيرها من الاحكام التي كان المثقفون المصريون والعرب يجابهونها بالاعتراض والتنديد.. ثم التنفيذ!، مع الغمز من قناة القضاء المصري دون اعلان ذلك صراحة. لكن جرة البدري لم تسلم هذه المرة، وخسر الرجل امام القضاء نفسه لصالح صحفيين اثنين في قضية مشابهة لكل القضايا التي خاضها قبل ذلك.. حيث الشيخ طرف في القضية حيث الطرف الآخر هو الممثل لجبروت الكلمة الاعلامية في صيغتها المنفتحة أو التي ينبغي ان تكون كذلك..، وقد سارع المثقفون الى امتداح القضاء الذي وقف مع «الحق» ضد «الباطل»، وفقا لمنظورهم الجديد!! المسألة بالنسبة لي لا تختلف كثيرا عن سابقاتها.. فهاهي قضية أخرى يحكم فيها القضاء وتجرجر فيها الكلمة بصفتها متهمة.. بغض النظر عن المتهم (بكسر الهاء).. هذه المرة، وبغض النظر عن المذنب والبريء ممن يقفون وراءها.. فلا بهجة إذن ولا هم يحزنون الا على ما أصاب الكلمة العربية من هوان على أيدي أهلها أولا.