في خضم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم، لم يعد بالإمكان الاعتماد على الطرق التقليدية لبناء الأعمال، أو حل مشكلة البطالة المتفاقمة وخاصة بين الشباب والتي تعاني منها أغلب المجتمعات على المستوى الإقليمي و الدولي، لذلك كان لابد من طرق أفكار جديدة وعمل إبداعات للمساهمة في حل مثل هذه المشكلات والنهوض بقطاع الشباب وبث روح الأمل فيهم. وهذا ما كان قسم تقنية المعلومات في جامعة الملك سعود سباقا إليه وذلك تطبيقا لسياسة القيادة الرشيدة في التركيز على التعليم ومخرجاته، فقد قامت وزارة التعليم العالي باعتبار منهج ريادة الأعمال جزءا لا يتجزأ من المنظومة التعليمية، فالاهتمام المكثف من قبل جامعة الملك سعود بريادة الأعمال يأتي في سياق مبادرات الجامعة التطويرية للإسهام في بناء ونشر ثقافة العمل الحر في المجتمع على أسس علمية واحترافية وإيمانا منها بأهمية ريادة الأعمال كأحد ركائز الاقتصاد الوطني. وتطبيقا لكل هذه المبادئ، قام القسم بمبادرة رائدة و جديدة من نوعها في مجال ريادة الأعمال، فقد قام بتحويل الريادة التقليدية إلى ريادة الكترونية من خلال مجموعة من الفعاليات التي قام القسم بتنظيمها ضمن برنامج بعنوان "الريادة الالكترونية" تحت رعاية البنك الأهلي التجاري. حيث شارك في هذا البرنامج 70 طالبة تم تعزيزهن بالمهارات الريادية اللازمة لإنجاح مشروعاتهن الالكترونية من خلال محاضرات متخصصة في تطوير الأعمال، تهدف إلى تعريف الطالبات المشاركات بسبل إعداد دراسات الجدوى والخطط المرحلية لمشروعات تجارية الكترونية، ومنافذ التسويق التقليدية والالكترونية المتوافرة وكيفية الاستفادة منها بشكل أمثل، إضافة إلى الجوانب الفنية والتقنية. وبذلك تم توسيع آفاق المشاركات وزيادة إدراكهن لبيئة العمل الالكترونية. هدف البرنامج إلى بث روح المبادرة الاستثمارية في نفوس الطالبات و تعريفهم بأسس العمل التجاري الالكتروني، وذلك لما تتميز به التجارة الالكترونية من مزايا، كالانخفاض النسبي لرأس المال المستثمر فيها خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، وعدم التقيد بالحدود الجغرافية فهي تنقل العمل مباشرة إلى النطاق العالمي على عكس التجارة التقليدية، هذا بالإضافة إلى استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجات العاطلات عن العمل في مجال تقنية المعلومات والمقدرة ب 45%. كما أنها تناسب طبيعة المرأة السعودية و ما يوفره لها المجتمع من إمكانيات، حيث يمتاز هذا المجال بقدرته على دمج المرأة السعودية في السوق السعودي دون الحاجة إلى الخروج عن العادات والتقاليد والتغيير في تركيبة المجتمع. وكان ختام هذا البرنامج مسابقة لاختيار أفضل مشروع تجاري الكتروني، حيث قامت المشاركات ضمن مجموعات بناءً على الخبرات التي اكتسبنها خلال هذا البرنامج بعرض 15 مشروعاً، حيث تنافسن في تسويقها للجنة التحكيم، والتي كانت مكونة من ممثل من البنك الأهلي التجاري (الراعي الرسمي للبرنامج)، وممثل من حاضنة بادر للاتصالات و تقنية المعلومات التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ، وخبيرة في مجال إعداد دراسات الجدوى، بالإضافة إلى أخصائيين في مجال التجارة الالكترونية. وقد حقق المرتبة الأولى للفصل الدراسي الثاني لعام 2009 كأفضل فكرة مشروع تجاري، المشروع "Spy eye Construction Monitor Online". واليوم قسم تقنية المعلومات يعمل على وضع اتفاقية مع حاضنة بادر لاحتضان المشاريع التي تحقق المرتبة الأولى، وذلك بهدف إعطاء الطالبات الفرص اللازمة لاحتضان مشاريعهن التجارية من قبل المشروع الوطني "بادر"، و تحويل أفكارهن إلى واقع ملموس بعد تقييم جدواها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية. وكان من نتائج هذا البرنامج أن أدى إلى تعزيز ثقافة العمل الحر والتشغيل الذاتي لدى الطالبات، وخلق بيئة تنافسية بين الطالبات في مجال التجارة الالكترونية، كما فتحت أمامهن الفرصة للتفكير بمشروعاتهن التجارية الخاصة، وخاصة في مجال التجارة الالكترونية. و يأمل القسم أن يؤدي هذا إلى تفعيل دور المرأة السعودية لتكون شريكا في النهضة الاقتصادية للوطن، وبذلك يكون دورها في المجتمع أكثر شمولية، من أم تنشئ و تربي الأجيال، إلى أم وسيدة أعمال تبدع وتشارك وتقف جنباً إلى جنب مع الرجل في بناء الوطن وتنمية المجتمع ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، وذلك بخلق أفكار إبداعية في التجارة و الأعمال ضمن المعطيات المختلفة من طبيعة المجتمع، والوضع الاقتصادي العالمي. وحقيقة لم يكن هذا البرنامج هو التجربة الأولى لقسم تقنية المعلومات في مد جسور التفاعل و تبادل الخبرات مع سوق العمل والتي تعمل على سد الثغرة التطبيقية بين المعرفة الأكاديمية والمعرفة العملية عند التوظيف، ولكن كان لديه تجارب سابقة تعود إلى الفصل الأول من العام الدراسي 1428/1429 ه، من خلال استضافة العديد من الشركات الخاصة منها مايكروسوفت، أوراكل، سيسكو، سداد، HP، موبايلي، إيجاده، شركة الاتصالات السعودية، بالإضافة إلى مجموعة من الخبراء والاستشاريين، وذلك ضمن إطاران مهمان وهما: أولا المشاركة في تدريس المقررات الدراسية كتطبيق عملي و توضيح اتجاهات سوق العمل الحالية، أما الإطار الثاني فيتمثل بندوات دورية مع أعضاء هيئة التدريس لفتح باب تبادل الخبرات. وقد أوضحت د/ليلك الصفدي وكيلة قسم تقنية المعلومات أن هناك شراكة واعدة بين القطاع الخاص بحرفيته وخبرته مع الجامعة بعلومها وثقافتها، حيث يقوم القسم من خلال لجنة التواصل مع قطاع الأعمال بوضع الخطط والاستراتيجيات المستقبلية لتوثيق هذه العلاقة وتحقيق أكبر فائدة عملية وميدانية للطالبة الجامعية والأستاذ و قطاع الأعمال. *دكتوراه في علوم الحاسب أستاذة مقرر التجارة الالكترونية- قسم تقنية المعلومات كلية علوم الحاسب والمعلومات جامعة الملك سعود