قال الاتحاد الأميركي للحريات المدنية في تقرير أصدره مؤخرا إن الحملة التي شنتها الحكومة الأميركية ضد من اتهمتهم بأنهم يمولون "الإرهاب" في الولاياتالمتحدة منذ 11 سبتمبر مثلت انتهاكا لحقوق الجمعيات الخيرية الإسلامية في الولاياتالمتحدة كما جعلت الكثير من المسلمين الأميركيين يخافون من تقديم التبرعات للجمعيات الخيرية، بما فيها الزكاة. وقال التقرير الذي أصدره الاتحاد، وهو أكبر جمعية حقوق مدنية في الولاياتالمتحدة، إن توسيع القوانين والسياسات الأميركية منذ 11 سبتمبر قد منح وزارة المالية الأميركية بصورة خاصة سلطات غير مقيدة تقريبا لتصنيف أية جمعية خيرية بأنها منظمة تدعم الإرهاب والقيام بتجميد أرصدتها من دون ضوابط قانونية كافية للتحوط ضد الأخطاء وإساءة المعاملة. وقال تقرير الاتحاد الأميركي إن هذه السلطات الجارفة، بمعية قيام مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) بالتحقيق مع الكثير من الأميركيين المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر ووضع بعض مساجدهم تحت المراقبة، قد "خلق جوا من الرعب في أوساط المسلمين الأميركيين." وقال التقرير إن المسلمين الأميركيين "صاروا يتخوفون بعد 11 سبتمبر من أداء واجبهم الديني المتمثل في الزكاة، التي هي ركن من أركان الإسلام الرئيسية الخمسة، بسبب خوفهم من التحقيق معهم أو اعتقالهم أو حتى إبعادهم عن البلاد أو حرمانهم من حق الحصول على الجنسية الأميركية، أو حتى مقاضاتهم بعد فوات الأوان إذا كانوا قد تبرعوا بزكاتهم لمنظمة تم تصنيفها لاحقا بأنها تدعم الإرهاب." وقالت الباحثة القانونية بالاتحاد الأميركي للحريات المدنية جنيفر تيرنر، التي أسست نتائج بحثها على مقابلات شخصية أجرتها مع أكثر من 120 من قادة المسلمين الأميركيين والمتبرعين والمسؤولين الحكوميين السابقين إن "التبرع بالمال والتصدق هو ركن أساسي من كون المرء مسلما، ولهذا فإن عدم قدرة المسلمين في الولاياتالمتحدة على عدم القيام بهذا الركن الأساسي من أركان دينهم يجعلهم يشعرون بعدم ارتياح بالغ." وردت وزارة المالية على التقرير ببيان مقتضب قالت فيه إنها "تحاول حماية مجتمع المتبرعين من الانتهاكات الإرهابية." وقالت إنها تأمل أنه "عبر هذه الاتصالات المتواصلة من التمكن من مساعدة جميع الجمعيات الخيرية، بغض النظر عن ديانة القائمين عليها، من توفير العون لمن تستطيع من دون أن يؤدي ذلك إلى تقوية الإرهابيين." يذكر أن الرئيس أوباما اعترف في خطابه الذي ألقاه في القاهرة في الشهر الماضي بوجود مشاكل لدى المسلمين الأميركيين في التبرع للمؤسسات الخيرية التي يريدون. وقد قال في ذلك الخطاب إن "القواعد المفروضة على التبرع للمؤسسات الخيرية قد جعلت من الأصعب على المسلمين القيام بواجبهم الديني، ولهذا فإنني ملتزم بالعمل مع المسلمين الأميركيين لضمان أن بوسعهم دفع زكاتهم." وتقول المنظمات المدنية والجمعيات الإسلامية الأميركية إن إدارة أوباما لم تتخذ بعد أية خطوات لمعالجة هذه المشاكل التي تعود إلى حقبة سلفه جورج بوش. وقال الاتحاد الأميركي للحريات المدنية إن السياسات الفدرالية أدت إلى إغلاق تسع جمعيات خيرية إسلامية في ولايات تكساس ومشيغان وإلينوي ومساتشوستس وأوريغون وغيرها. يذكر أن المسؤولين الرئيسيين في واحدة من هذه المنظمات، وهي مؤسسة الأراضي المقدسة للإغاثة والتنمية، قد أدينوا في نوفمبر الماضي بتهم تقديم أكثر من 12 مليون دولار لحركة حماس الفلسطينية التي تعتبرها الحكومة الأميركية حركة إرهابية. وقد حكم مؤخرا على اثنين من مسؤولي الجمعية بالسجن لمدة 65 عاما. ولكن مسؤولي الجمعية والمتبرعين لها يشددون على أن تلك الأموال لم تذهب إلى حركة حماس بل إلى فلسطينيين محتاجين في الضفة الغربية وغزة فضلا عن بعض المؤسسات التعليمية والخيرية والطبية الفلسطينية في تلك الأراضي. كما يقول الناشطون الإسلاميون والاتحاد الأميركي للحريات المدنية إن الحكومة الأميركية قامت في السنوات الماضية بالاستيلاء على أرصدة عدد من المنظمات الإسلامية الأميركية من دون تقديم أي لوائح اتهام ضد القائمين عليها. ويقول هؤلاء إن هذه السياسة قد اضطرت الكثير من المسلمين الأميركيين إلى اللجوء إلى تقديم تبرعاتهم بصورة سرية، كما أنها أساءت لجهود الولاياتالمتحدة الدبلوماسية في العالم الإسلامي.