لي صديقة دمها خفيف، تحب أن تعيش حالة إعجاب بالنفس وتزداد هذه الحالة كلما دخلت مباراة ملاكمة مع الدنيا وتبادلت الصفعات معها- جملة اعتراضية حتى الآن الدنيا تفوز وصديقتي تخسر في دوري الصفعات- حيث نلاحظ أنها "تزودها حبتين" في الحديث عن خصائصها النفسية ومميزاتها الشخصية وتختم جملها عادة "تلاقون مثلي فين" أو "مافي أحد مثلي" ونحن نؤمن على كلامها مبتسمين إما اتقاء للشر أو لأننا مقتنعون بأنها حالة فردية مميزة. وبيني وبينكم كل منها حلة فردية مميزة، فنحن على تشابهنا مختلفون، فلو نظرنا إلى تماثلنا الجيني واشتراكنا في حوالي 99.9٪ من المتسلسلات القاعدية التي تصنع مادتنا الوراثية كبشر إلا أن الاختلاف نتيجة الطفرات الوراثية بنسبة 1٪ يصنع اختلافاً نستفيد منه في علم الوراثة في علم البحث الجنائي وفي أشياء كثيرة إن صحت الأرقام التي استعيرها على عجل من الذاكرة وإذا ابتعدنا عن النقاش العلمي الدائر حول 99.9٪ وبين 99٪ كما توقعت بعض الدراسات مؤخرا، وقبل أن يتحول المقال إلى محاضرة علمية مملة لنضع نقطة وننتقل لفقرة جديدة. قد تبتسم أو تقهقه ضاحكا حين يقول أحدهم وهو هائم في عالم آخر:" لقد وجدت توأمي الذي يشبهني نسخة مني"، وضحكك له أسباب كثيرة منها أنك واثق أنك ستسمع منه بعد شهور أو سنوات قصائد هجاء في هذا التوأم، ومنها أنك تعرف أننا نختلف كثيرا في تصرفاتنا في تقبلنا للأمور وحتى في تعاملنا مع مشاعرنا وفي تعاطينا لمبادئنا. ببساطة علمتك التجربة أننا مختلفون وأن اختلافنا هذا هو ما يجعلنا نتميز بشخصياتنا، قد نشترك في خصائص كثيرة قد نتفق على رأي ونختلف حول موضوع آخر وهكذا. اختلافنا أو تماثلنا لا يقاس في لحظة أو ساعة لكنه يقاس على مدى عمر نعيشه. يمكنك ببساطة أن تلاحظ الاختلاف بين البشر في مكان العمل، فأنت وزميلك في المكتب المجاور تقومان بنفس الوظيفة لكن لكل منكما طريقته في أداء عمله. يمكنك أن تلاحظ الاختلاف هذا حول تطبيق مبدأ أخلاقي فأنت مثلا لا تحب الكذب لكن صديقك الذي تتناول أنت وإياه فنجان قهوة سكر زيادة يعتبر الكذب تجملا أو يكذب اتقاء لشر الآخرين أو لإخراج نفسه من ورطة. أنت في سن النضج تختلف في تصرفاتك وتعاملاتك عما كنت عليه في سن الطيش، أنت قد لا تتعرف على نفسك في بدايتها وقبل أن تعركها التجربة، قد تكره هذا الأحمق الذي كان يسكنك وقد تتعاطف معه. صدقني لا أحد يشبهك حتى أنت لا تشبه نفسك في زمن مضى.