تقع نيودلهي في شمال الهند على ضفاف نهر «يامونا» ويقطنها أكثر من 14 مليون نسمة، وكانت تسمى عند العرب دهلي ولا يعرف حالياً وبصفة قاطعة أصل اسم دلهي حيث هناك عدة احتمالات يقال بأنها سميت ديلي أو دهالي الهندوسية والتي تعني حد أو دلهي مشتقة من الفارسي دهليز والتي تعني كذلك حد. ومدينة نيودلهي على عكس المقاطعات الهندية الأخرى فهي تتمتع ببرلمان وحاكم ومجلس وزراء ورئيس وزراء يتم تعيينه من قبل رئيس الهند.ويتم تعيين باقي الوزراء من قبل الرئيس ولكن بعد استشارات مع رئيس وزراء دلهي، ويتم تعيين أعضاء برلمان المدينة عن طريق انتخابات مباشرة في جميع تقسيمات دلهي ويبلغ عدد مقاعد البرلمان 70 مقعداً، تقوم كل من الحكومة الهندية وحكومة دلهي بإدارة نيودلهي التي هي مقر الحكومة الهندية وحكومة دلهي. يدين أغلب سكان دلهي بالهندوسية وتصل نسبتهم إلى 82٪ يليها الإسلام بنسبة 11.7٪ وثم السيخ بنسبة 4٪ ومن ثم الجبينية بنسبة 1.1٪ والمسيحية بنسبة 0.9٪ كما يوجد في المدينة أقلية من اليهودية والبوذية. لقد كانت لدي فكرة خاطئة عن الهند قبل زيارتها حيث توقعت مشاهدة العديد من الشحاذين مفترشي الطرق والممرات بالإضافة إلى الأبقار وهي تجوب الشوارع ومناظر غير حضارية.. ولكن هذه الفكرة تبددت كلياً حيث شاهدت مدينة جميلة حضارية نظيفة تسابق العصر بمبانيها التاريخية الجميلة وناطحات السحاب الحديثة وبحدائقها الواسعة وشوارعها الواسعة ومترو الانفاق الذي يضاهي بجماله وتصميمه مترو أنفاق لندن الشهير.. بالإضافة إلى وجود مدينة جديدة يطلق عليها مدينة السلكون.. جميع عماراتها ناطحات سحاب صممت على أحدث طراز معماري، وتبدو وأنت تسير في شوارع نيودلهي وكأنها غابة لكثرة أشجارها العالية التي قد تغطي المباني.. والحدائق الجميلة الواسعة والكثيرة جداً.. تتميز نيودلهي بأسواقها الكثيرة المنتشرة في كل أنحاء المدينة بالإضافة إلى كثرة الفنادق الفخمة والأسعار المناسبة وما يشدك أكثر في هذه المدينة التاريخية والحديثة في نفس الوقت الآثار التاريخية وخاصة الإسلامية ومنها «قطب منار».. هذا الصرح الإسلامي العملاق الذي تقف أمامه مبهورا لإنجاز الأولين الذين يعتبرون بحق قدوة في التعليم والهندسة المعمارية. ومنار قطب بناها الحاكم المسلم قطب الدين أبيك سنة 1200م وأكمله الحكام من بعده، ويجاور المنارة الرائعة " قوة الإسلام " وهو أول مسجد يتم بناؤه في الهند حيث بني عام 1198م وترتفع المنارة في علو شاهق وبشكل هندسي مبدع وتزين المنارة حلقات دائرية من الرخام تزينها آيات من الذكر الحكيم وبالقرب من منار قطب يقع جامع "أو جاما مسجد" والذي يقع في منطقة المسلمين بنيودلهي وسط العاصمة وقد بناه شاهجان سنة 1650م كأكبر مسجد في الهند ويوجد به نسخ من القرآن الكريم كتبت بيد الصحابة الكرام ويحيط بهذا المسجد أسواق شعبية للمسلمين. أما "القلعة الحمراء" فتعتبر من أكبر المواقع الأثرية في مدينة دلهي وتبلغ مساحتها أكثر من 2 كلم يتراوح طول جدرانها بين 18 إلى 33 متراً. أما أحد عجائب الدنيا السبع فهو " تاج محل " حيث يعتبر بحق من أجمل المباني في العالم وتعتبر زيارة تاج محل تغني عن آلاف الزيارات لأماكن أخرى حيث تقف مبهوراً ومتأملاً من هذا التصميم المعماري الفريد الذي بني قبل 378سنة، وليس لدى الإنسان المسلم إلا أن يقف احتراماً وتقديراً وإجلالاً لأسلافنا الأولين والمقارنة بما كنا وما وصلنا إليه الآن!!؟ يعتبر تاج محل من أجمل المباني المشبعة بالطراز الإسلامي من حيث الروعة والزخرفة والتصميم الهندسي، ويعتبر من اهم الآثار في العالم، وهو مبنى عملاق يقع وسط مساحات شاسعة من الحدائق على ضفة نهر «بامونا» ويشرف على مدينة «اغرا» الهندية.. مدينة أباطرة المغول والتي كانت عاصمتهم في ذلك الحين.. إلى أن قام الامبراطور «شاه جيهان» الذي حكم الهند قبل أكثر من 300 سنة بنقل العاصمة من «اغراء» إلى مدينة نيودلهي والتي تبعد عن اغراء حوالي 200 كلم. الزميل حمد العسكرامام تاج محل وأشهر ركن في تاج محل هو ضريح زوجته «ممتاز محل» بقبته الرخامية البيضاء إلا أن هذا المجمع الضخم الذي يمتد على مساحة 42 فداناً يتضمن أيضاً مساجد ومآذن ومباني أخرى للضيوف والعمال.ولقد حرص «شاه جيهان» الذي شيد هذا الصرح العملاق على استخدام أمهر المعماريين والمهندسين والبناءين في العالم الإسلامي حيث جلبهم من تركيا وبغداد وقدم مصممو الحدائق من كشمير والخطاطون من شيراز والحجارون والنحاتون وحرفيو الجص ومصممو القباب والبناؤون من بخارى وسمرقند والقسطنينية.. وقد صمم البناء المهندس التركي عيسى أفندي والمهندس الإيراني محمد سيازي خان والمسؤول عن النواحي الفنية والتصميم الداخلي قادر شرمان خان من الجزيرة العربية. وقد بدأ البناء عام 1631م وانتهى عام 1653م وشارك في البناء 22 ألفاً من العمال والمهندسين، بنى تاج محل من الرخام الأبيض النقي الذي تم استخراجه من حجر جبل «ماكراتا» والذي يبعد عن الموقع 563 كلم وتم احضار الحجر الأحمر من «دلهي» كما أحضرت الأحجار الكريمة بالقوافل من كل أنحاء الأرض «اليشب» من البنجاب، »العقيق الأحمر» من بغداد، «الفيروز» من التبت، «الملكيت واليشع والكريستال» من تركستان وغيرها من اللؤلؤ والماس والزمرد الصغير. وقد تم تزويد المبنى بثلاث بوابات رئيسية وبالدخول عبر بوابة التاج الهائلة والمبنية من الحجر الرملي الأحمر يظهر على يمين البوابة غرف العمال والمهندسين الذين بنوا المكان ويوجد بها 22 قبة صغيرة تشير إلى عدد السنوات التي استغرقها بناء «تاج محل». ولقد بنيت مدينة «ممتاز أباد» من أجل إيواء 22000 من العمال والمهندسين وعائلاتهم ولمدة عشرين عاماً لبناء هذا الصرح العملاق.. ولقد شيدت سقالة هائلة لرفع القبة وقيل بأن «شاه جيهان» حين اقترب العمل من النهاية وعلم ان فك السقالات سوف يستغرق خمس سنوات فما كان منه إلا أن أعلن أن كل من يرفع سقالة تصبح ملكاً له، وإذا بالمهمة تنتهي بين ليلة وضحاها. يوجد في تاج محل 4 منارات، ثلاثة منها قريبة بنيت مائلة عكس الاتجاه لئلا تقع على البناء في حال حدوث زلزال، أما المنارة الرابعة فبنيت بزاوية قائمة بعيدة قليلاً. منظر لأحد المباني ويوجد بالداخل عند البوابة المزخرفة سورة «يس» بالخط الفارسي وقد زينت بالأحجار الملونة طبيعياً حيث عندما تسلط الضوء على أحد هذه الزخارف تشع نوراً ساطعاً كما أن القبة عندما ترفع الأذان تجد صدى عالياً يسمعه كل من بالمسجد.. كما أن التهوية صممت بطريقة دخول الهواء البارد وخروج الهواء الساخن بالإضافة إلى أنه عند دورانك أمام الضريح تجد أن المنتصف يدور معك عند الالتفاف.. والخلاصة ان المبنى يتمتع بتصميم هندسي لا يزال يدرّس في كليات الهندسة والعمارة حتى الآن.ظيبلغ ارتفاع المبنى 61 متراً وهو مكسي بالرخام الأبيض بكامله وكتبت عليه آيات من القرآن بالرخام الأسود، وتم ترصيع وتزيين جدران المبنى بالأحجار الكريمة والعقيق وزهور عباد الشمس وأحجار الفيروز في تنسيق هندسي جمالي رائع يبهر الأبصار، وتحيط بالمبنى من كل جانب مجموعة من القباب الكبيرة والصغيرة غير متصلة والتي يصل ارتفاع بعضها إلى 41 متراً. وعند بزوغ القمر في منتصف كل شهر يعطي انعكاس الضوء على بلورات الرخام الأبيض المتلألئة ضوءاً مشعاً يملأ المكان بنوره وكأنها إنارة اصطناعية، ويعطي منظراً مهيباً يثير البهجة. وتحيط بالمبنى حديقة كبيرة تعتبر قمة في روعة التخطيط والتنسيق حيث تضم النافورات الجميلة والأشجار العالية المشكلة بطرق هندسية فريدة . وفي عام 1937م تم نقل رفات الامبراطورة «ممتاز محل» من جنوب الهند ووضعت في مركز المبنى على حسب التصميم الهندسي وعندما اكتمل بناؤه طلب الامبراطور «شاه جيهان» من المهندسين اللذين قاما بالبناء عدم بيع منهما لأحد من بعده، ويقال أنه قام بقطع أيدي العديد من أشهر الحرفيين الذين شاركوا في التصميم والبناء ترهيباً وخوفاً من تقليده أو نقل أفكار التصميم الرائعة. وبعد وفاة الامبراطور «شاه جيهان» دفن في نفس البناء إلى جانب زوجته وقد قيل انه لم يكن في نيته أن يجاور زوجته في القبر وإنما كان ينوي بناء «تاج محل آخر» من الرخام الأسود ليكون ضريحاً له. مسجد عبد الغفور في وسط دلهي الحدائق المحيطة بالمباني القلعة الحمراء في نيودلهي