في عالم المخدرات، قصص ومآس، وخلف الأبواب المغلقة، مئات الأسرار والحكايات، هنا يضيع الشرف، وتهرق الكرامة في مستنقعات العار، وهنا يقف الشيطان حاكماً بأمره، من ملفات المخدرات نقرأ الدموع والحسرات، ونقدم لكم سلسلة من القصص الواقعية من الملفات السوداء لضحايا المخدرات. بين أحضان أبٍ عصبي وأمٍّ مغلوبةٍ على أمرها وأخوةٍ أحاط بهم الجهل والتفكك والضياع ولدت لتدوي صرخاتها الأولى في أرجاء ذلك المنزل الذي كان باطنه فيه القسوة وظاهرة من قبله العذاب، لتكبر طفولتها بين أهات الشجن المؤلمة، لم تذعن كثيراً لتلك المشاجرات، وحاولت جاهدة للتصدي لها رغم ما كنت تتطلع له في سنوات طفولتها الأولى بأن تجدّف بذراعيها إلى شاطئ جديد يمنحها القدرة على صياغة حياتها بما يتوافق مع طبيعتها الفطرية، لتجدد ذلك في التحاقها بالدراسة، بعد إقناع والدها الذي كانت تستيقظ كل يوم على فواجعه ومغامراته التي يفجرها في أرجاء هذا المنزل المتهالك بجدرانه الهالك بأفراده. مرحلة الدراسة التحقت بركب التعليم.. مواصلة دراستها المتدنية التحصيل والحصيلة منذ بدايتها، وكان عزاؤها في هذا المستوى ما يحيط بها من مشاكل أسرية كان منبعها من طوق نجاتها في هذه الحياة والدها الغائب بعطفه الحاضر بمشاكله وتقلباته. مضت الأيام ومواويل الهموم متواصلة تعزف أنفاسها، وتنشد أنشودة الآلام على حياتها الكئيبة المليئة بالأحزان والمشاكل، لتقودها إلى عالم مجهول وجحيم لف ذاتها المتضرم بنار ما تعيشه من خلافات عائلية مستعرة في مكان أمنها، طالت حالتها الصحية وأثرت على مسارها الدراسي... وفي المرحلة قبل الأخيرة من دراستها في الكلية، شدها منظر تلك الأم التي جاءت تسأل عن مستوى ابنتها وهي تقبلها بحنان الأمومة "وتطبطب" على أكتافها. أخذها هذا المنظر إلى أحد باحات الكلية لتكفكف دموعها المنهمرة على ذلك الخد الشحوب المليء بالأحزان والمآسي وهي تقارن بين حياتها وحياة زميلتها وشتان بين الاثنتين... أثناء لحظة شرود فكرها وهي تقارن بين حالها وحال زميلتها. أتت إليها زميلة أخرى معروفة بسوء الأخلاق وجلست بجانبها ليدور الحديث وتعرف معاناتها وبعد إلحاح وإقناع قطعت لها تذاكر السفر على متن رحلة العذاب لأرض المجهول. رحلة العذاب والتهديد بالقتل بدأت مغامرتها الأولى على متن هذه الرحلة بتعاطي سيجارة من الحشيش المخدر يدفعها إلحاح وكلمات زميلتها الذي سيرسم لها خطوط النجاح بتعاطي هذه السيجارة وأنها ستودع الهموم بألوانها وأشكالها وستجد المخرج الذي يعّدل من حالها وأحوالها، إلا إن هذه الرحلة استمرت في عالم المجهول دون التوقف عند شيء مما كان يدور بخلدها من نجاحات ستصل إليها. وبدأت المشاكل تتجلى على حالتها بالتدهور والنوم العميق وكثرت الغياب عن الكلية ليتم فصلها. وذات مساء اكتشف شقيقها إدمانها عندما كانت تترنح ورائحة المخدرات النتنة تفوح منها ليهددها بالقتل إن عادت للتعاطي. لم تبالِ بهذه التهديدات لاعتمادها وإدمانها على المخدرات المستشري بجسدها. لتقدم على مغامرة قبيحة أخرى حيث هربت من المنزل ولجأت إلى صديقتها السيئة السابقة التي تعيش نفس الحال والمآل .لتقيم معها وتواصل تعاطيها للمخدرات. الانتقال لمنزل الصديقة بعد أن اتجهت لشقة صديقتها توسعت دائرة التعارف وكثرت الصديقات وزادت التجمعات وتعددت أصناف المخدرات. حتى وصلت لمرحلة بيع الهوى من أجل الحصول على جرعة تعاطي لتصبح سلعة رخيصة للشباب المنحرف وذاع صيتها بينهم. وذات مساء وهي تحيي ليلة حمراء تم القبض عليها مع مجموعة من الشباب والفتيات في قضية أخلاقية تحت تأثير تعاطي المخدرات. لتودع بالسجن وتنال عقاب فعلتها المشينة. الخروج من السجن بعد قضاء محكوميتها وخروجها من السجن بكفالة أحد أقاربها بعد أن تخلى عنها والدها وأشقاؤها الذين كانوا سببا في انحرافها ولجوئها لهذا العمل بسبب إهمالهم وتفكك الأسرة ومشاجراتهم اليومية. قررت مسح هذا السجل الأسود من أيام حياتها وتجدده بالمسار الصحيح، بعد أن وعدت نفسها وقريبها الذي وقف بجانبها في هذه المصيبة غير الأخلاقية وعدم العودة لهذا الطريق المظلم المهجور. لتتصل بأخصائية اجتماعية أرشدتها إلى علاج الإدمان. وما كان منها إلا التوجه إلى عيادة لعلاج الإدمان لتخرج ما بداخلها من سموم المخدرات. ومازالت تراجع العيادة وتجدد توبتها كل يوم. وتتمنى ألا تعود لهذا الطريق الذي أفقدها كل شيء جميل في هذه الحياة.