** لا بد من الاعتراف.. بأن خطر فيروس أنفلونزا الخنازير (A-H1N1) ما زال كبيراً وليس هيناً أو محدوداً.. ** وأن انتشاره وتزايد أخطاره.. يظل وارداً.. بالرغم من التطمينات التي صدرت عن الخبراء والمتخصصين الذين جمعتهم ورشة العمل العلمية التي عقدت في مدينة جدة في الأيام الماضية وخرجت بتوصيات هامة.. أعلنها وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة.. بكل شفافية وصراحة ووضوح.. ** صحيح أن الإجراءات الاحترازية الكبيرة التي اتخذتها الوزارة.. ووفرت معها كافة الشروط والأدوات والوسائل الوقائية.. للحيلولة دون انتشاره.. مطمئنة ومريحة.. ** غير أن توصيات الخبراء الدوليين التي استمع إليها الجميع تؤكد على أن جميع الاحتمالات ما زالت مفتوحة.. وأن إمكانية انتشار الفيروس تظل كبيرة في المجتمعات العادية.. وفي المجتمعات الطبيعية.. داخل كل دولة.. فما بالنا بتجمع ضخم وكبير.. كما يحدث في حالات العمرة.. والزيارة.. والحج..؟ ** إن هذه الحقيقة لا يجب التقليل من شأنها.. أو عدم التسليم بأنها تتطلب جهوداً خارقة.. وغير طبيعية.. وأن هذه الجهود يمكن أن تحقق نتيجة أفضل لو أن المواطنين والمقيمين في المملكة وكذلك الشعوب الإسلامية والعربية أيضاً.. والمسلمين في كل مكان من هذا العالم.. أجلوا عمرتهم أو زيارتهم أو حجهم لهذا العام حتى تخف مخاطر تسرب أو انتقال هذا الوباء بينهم. ** ذلك أن مئات الآلاف من المسلمين سبق لهم أن أدوا الحج.. والعمرة.. والزيارة مرات عدة.. ومن باب الحرص .. ومن باب السلامة العامة.. ومن باب تجنب النفس لخطر لا مبرر له فإن التوقف عن ذلك هذا العام.. سوف يقلص العدد.. ويحد من إمكانية انتشار الوباء.. ويخفف من مخاطره بإذن الله تعالى.. ** وبصورة أكثر تحديداً.. فإن كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة وكذلك الأطفال والحوامل.. يحسن تأجيل حجهم أو عمرتهم وزيارتهم في مثل هذه الظروف لا سيما إذا كانوا قد أدوا هذه الواجبات من قبل.. كما أوصى بذلك الخبراء والمختصون العالميون.. ** ذلك أن الاحترازات الطبية.. ومهما كانت كبيرة وفائقة.. إلا أنها لا تكفي لتفادي انتشار وباء كهذا.. ** كما أن تفادي حصول الإصابة به.. مرهون بقرارات الدول والمجتمعات الأخرى وبالأفراد.. الوافدين إلينا.. وبالدور الفعال لوسائل الإعلام بها في توعية الناس.. ورفع درجة حصانتهم.. وتجاوبهم مع نصائح قائمة على معطيات علمية.. ودراسات مخبرية.. وخبرات مكتسبة.. ** ونفس الحال يقال لكل مواطن ومقيم أعطاه الله من العقل.. والتبصر.. وسداد الرأي ما يجعله ويجعل غيره بمأمن عن الخطر.. وتجنب التواجد في الأماكن العامة.. والتجمعات الكبيرة.. والاحتكاك غير الضروري بسواه.. ** لقد كان معالي وزير الصحة الدكتور الربيعة شفافاً.. في المعلومات التي قدمها في مؤتمره الصحفي.. كما كان واضحاً في الإشارة إلى احتمالات زيادة انتشار الوباء.. ودعوته إلى الالتزام بنصوص التوصيات الهامة التي انتهت إليها الورشة.. ** لكن وضوح الوزير.. وشفافية آراء الخبراء المساهمين في الورشة.. ودقة تلك التوصيات التي انتهى إليها المجتمعون.. ترتب مسؤولية كبرى على وسائل الإعلام بأن يضعوا الناس أمام الحقائق.. حتى وإن أصابهم بعض الهلع منها.. وحتى وإن أدى الخوف من الفيروس إلى قلق الكثيرين.. ** ذلك أن الاعتراف بوجود الخطر كما قلت في البداية سيجعلنا كدول ومجتمعات.. وشعوب ندرك مسؤوليتنا ونضطلع بأدواتنا.. للحيلولة دون استشرائه.. فلا نسهم بذلك في حدوث ما لا نتمناه ونرجوه.. ** وباختصار شديد.. ** فإن أحداً لا يتحرك عن تعطيل الحج والعمرة والزيارة.. لكن المطلوب الآن هو.. اتخاذ قرارات عاقلة.. من قبل الدول والأفراد والجماعات لتأجيل أداء هذه الواجبات هذا العام فقط.. مساهمة منهم في التخفيف من احتمالات انتشار الوباء.. وتجنباً للأخطار المترتبة على ذلك. ** ** * ضمير مستتر: ** (من نعم الله على الإنسان: أن أعطاه عقلاً وبصيرة.. يهديانه إلى الصواب ويجنبانه الوقوع في المحظور..)