ما من شكٍّ في أنَّ المدرب الأرجنتيني إدقادردو باوزا قَّدم عملاً فنياً متميزاً مع توليه الشؤون التدريبية للفريق النصراوي في شهر يناير الماضي، واستطاع خلال فترة بسيطة صياغة اللبنات الأولى لشخصية النصر الغائبة منذ سنوات طويلة، وكانت تحركاته مثمرة في النواحي الدفاعية، دون الهجومية، ويُحسب له التنظيم الذي ظهر عليه النصر، على الرغم من استمرار العناصر نفسها التي كانت مع المدرب السابق رادان، فيما لم يكن هناك تقدم يذكر على صعيد صناعة اللعب، وبالتالي غابت الأهداف، وحين تغيب الأهداف تغيب معها المتعة، والقدرة على منافسة الأقوياء، والحقُّ أنَّ خذلان اللاعبين الأجانب لمدربهم ساهم بالدرجة الأولى في التواري هجومياً. لم يحقِّق باوزا بطولة مع النصر، ولكنَّ النظرة للعمل الجيد الذي قدمه، والقناعة بما سيحققه التغيير في العناصر الأجنبية، واستقطاب عدد من اللاعبين المحليين كان وراء الاهتمام باستمراره حتى انتهاء عقده مع نهاية الموسم المقبل، وكان الاستقرار عنوان الأسابيع الماضية لكل ما هو أصفر؛ فالأخبار تتحدث عن تجهيزات، وصفقات أجنبية ومحلية، حتى جاء خبر اعتذار المدرب الذي وقَع كالصاعقة معكراً الأجواء، ومبدداً الاستقرار -العامل الأهم في نجاح فريق كرة القدم-. باوزا ليس أول مدرب يُخلّ بعقده، لكنَّ المشكلة في كونه عارفاً بشؤون فريقه، بعد أنْ نظَّم، وأصلح الكثير من الأخطاء، وكان يُنتظر منه أنْ يكمل مهمته مدعوماً بأجانب اثنين منهم من أبناء جلدته تمَّ التعاقد معهم بطلب منه؛ لكن الواقع يقول إنَّ رحيل أي مدرب ليس نهاية المطاف، ومبادرة إدارة النصر السريعة في التعاقد الرسمي مع الأورجواني جورج ديسلفا مدرب فريق ديفنسور سبورتنج متصدر الدوري، وحسْم الملف التدريبي المهم خطوة موفقة للغاية حققت العديد من الأهداف، بإعادة الأمور إلى نصابها، والتأكيد على أنَّ النصر الذي جلب باوزا قادر على استقطاب البديل المناسب، وبسرعة فائقة، وعلى الاستعداد الكامل لأي طارئ. يبقى اعتذار باوزا المفاجئ في وقت قابل للمعالجة؛ طالما حسمت الأمور، ثم إنَّ النصر ليس وحده من سيبدأ الإعداد للموسم المقبل بمدرب جديد، فمثله ستفعل أندية الهلال، والشباب، والأهلي والاتفاق وغيرها؛ بمعنى أنَّ النصراويين تمكنوا من تجاوز الأزمة الفنية. هناك فارق كبير بين المدربَين كوزمين وباوزا في طريقة تركهما للهلال والنصر؛ وحتى في التوقيت الذي فكَّا فيه ارتباطهما بالناديين السعوديين؛ غير أنَّ ما يبدو من خلال التعامل السريع في قضية اعتذار باوزا المفاجئ أنَّ النصراويين استفادوا كثيراً من التأثيرات السلبية التي واجهها الهلال، وعانى منها طوال الفترة التي أعقبت رحيل المدرب الروماني، والتي لم يتمكن الفريق (الأزرق) من تجاوزها وكانت سبباً في الخروج بالبطولة الوحيدة تحت قيادة كوزمين.