لا شك أن الحديث يكون صعباً متى ما كان عن علم من الأعلام، أو فذ من الأفذاذ، له حياته الحافلة بالعطاء والإنجازات والمواقف التاريخية؛ إلا أن مجرد المحاولة تعد تشريفاً وتكريماً للمتحدث، ومن هذا المنطلق أحببت أن ألقي الضوء على جانب من الجوانب النيرة في حياة رجل دولة استحق بكل جدارة أن يوصف بأنه رجل الأمن الأول، انه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه -. هذا الرجل الذي أمضى حياته في خدمة دينه ثم وطنه، هذا الرجل الذي نشأ وترعرع على طاعة الله جل وعلا، وتربى في بيت يدين لله تعالى بنصرة هذا الدين والدعوة إليه والذب عنه؛ حتى صار سيفاً مشهراً في وجه أعداء الأمن والفكر السليم، ويداً حانية تمسح برؤوس المحتاجين، وترفع الظلم عن المظلومين. مواقفه كثيرة؛ تدل دلالة واضحة على ما يمتلكه هذا الأمير المبارك من تأهيل علمي وعملي، وما يمتاز به من حنكة وحكمة، جعلته وعلى مر حياته العملية كالشمعة التي تحرق نفسها لتضيء للآخرين، فبفضل الله أولاً، ثم جهود سموه كان الحد من الجريمة بجميع أشكالها وأنواعها وطرائق تنفيذها، وكذلك محاربة الإرهاب والإرهابيين وأصحاب الفكر الضال، وتجفيف منابعه وموارده، والوقوف مع المؤسسات الخيرية والاجتماعية بما يحقق الصالح العام للمجتمع. ولكون هذا الأمير رجل دولة ومسؤولاً عن الأمن؛ فإنه يبين بوضوح ومن دون لبس، ويؤكد في عدة محافل: ان هذه الدولة دولة إسلامية تتخذ القرآن والسنة منهجاً ودستوراً، وانها صاحبة رسالة عالمية سامية، هي ميراث النبوة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، كان - حفظه الله - يعلن وبكل فخر حماية الدولة للشريعة الإسلامية، وتبنيها للمشروع الإسلامي في كل شأن من شؤون الحياة، ولا أدل على ذلك من قيامة بإنشاء أكبر جائزة عالمية للسنة النبوية، وغيرها من الجوائز الشرعية والعلمية التي تشرف أصحابها باستلامها من يده الكريمة. وحرص هذا الرجل على حماية الشريعة ونصرة السنة؛ إنما هو من منطلق فهمه وإدراكه لرسالة هذه الدولة التي قامت عليها، وهي أن تقف القوة مع العدالة، وتؤيد السلطة الشريعة. ولا شك ان الدعوة الصحيحة والعلم النافع؛ يحتاجان إلى قوة عادلة، ودولة قائمة، وسلطان مهاب، ليمكن لأهلها في الأرض، وهذا ما نعيشه نحن في هذه الدولة المباركة، ويتمناه غيرنا في باقي الدول الإسلامية. أما ما يتعلق بمواقف هذا الأمير الهمام مع شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلة في جهاز الهيئة؛ فالكل يعرف انه الداعم الرئيس لهذا الجهاز بعد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - حفظهما الله -، وانه لا يألو جهداً في التوجيه والنصح، والوقوف ضد من يحاول محاربة هذا الجهاز والنيل منه، بل ويعلنها - حفظه الله - صراحة بقوله: «يجب أن يعرف الجميع داخل البلاد وخارجها، أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ركن أساسي لدولة الإسلام، ويكفي أن نأخذ من هذا الاسم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن الذي لا يحب أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر». ولفتة أخرى من سموه، تحسب لمصلحة هذا الجهاز والعاملين فيه، وهي رعايته حفل تدشين الخطة الاستراتيجية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أيام، وتجشمه عناء الحضور رغم كثرة ارتباطاته ومهامه، بل رغم حضوره في نفس يوم الحفل جلسة مجلس الوزراء، إلا انه أبى على نفسه إلا أن يحضر ليوجه رسالة سامية واضحة وصريحة: انه مؤمن بأهمية إقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانه يجب دعم القائمين بها، وتوفير ما يحتاجون إليه من بيئة عمل تسهل عليهم القيام بواجبهم على أكمل وجه. لقد ارتجل سموه كلمات سيحملها منسوبو الهيئة وسام شرف على صدورهم بإذن الله تعالى. ومما قاله - حفظه الله -: «أقدم شكري وامتناني لجميع رجال الهيئة من رؤساء الفروع ورجالات الهيئة الحاليين والسابقين وكل من عمل في هذه الهيئة، ولا أقول إلا جزاهم الله خيراً، وقد أديتم الأمانة»، كما قال سموه عن رجال الهيئة: «أما انهم كبشر نطلب ألا يخطئوا فهذا أمر غير ممكن في جميع شؤون الحياة، وقد علمنا الإسلام أن من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر»، وقال سموه: «نرجو أن يأتي وقت قريب نجد كل أسرة وكل أب وكل أم يشكرون الهيئة لأنها الحارس على أبنائهم تدلهم على الصواب وتحذرهم من الخطأ»، ثم نبّه سموه إلى ضرورة أن يكون التعامل مع الهيئة ورجالها إيجابياً فقال: «أنا أتألم عندما أرى شاباً سعودياً يلبس لباساً لا يليق به، ويتحرك في الشارع ليؤذي النساء ويتعرض لهن، فهؤلاء يجب أن يقوّموا، ويتم التعامل معهم وفق الأنظمة»، وقال سموه: «بحكم قربي والتصاقي بعمل الهيئة فإني أجد الصواب أكثر من الخطأ، ولم أجد خطأ إلا وتم تصحيحه من قبل، ولا شك ان الذي لا يتطور ولا يتقدم يتأخر». وحول الإعلام وتعامله مع هذا الجهاز قال سموه: «الخطأ معرض له كل إنسان يعمل، الذي لا يخطئ لا يعمل، ولذلك أطالب وسائل الإعلام في بلادنا بأن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن يكونوا في صف الهيئة، وألا يقوم أمور الشرع إلا أهل الشرع والاختصاص، مثلهم الأطباء والمهندسون، فلا يصح أن يقوم الطب إلا أهل الطب، ولا يقوم الأمور الهندسية إلا أهل الهندسة، وهكذا». إنها كلمات تنم عن مدى ما يكنه هذا الأمير لهذا الجهاز، وتظهر بجلاء مدى حرصه على تطويره وتقدمه بما يحقق الأهداف المرسومة له؛ فأسأل الله بمنه وكرمه أن يوفق سموه الكريم لكل خير، وأن يسدده في القول والعمل، وأن يعزه بالإسلام ويعز الإسلام به، وأن يمتعه بالصحة والعافية على طاعته، وأن يديم على بلادنا أمنها واستقرارها في ظل هذه الحكومة الرشيدة انه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. * المدير العام لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض