تصاعدت حدة المخاوف من ارتفاع التضخم مجدداً بعد أن أظهرت بيانات رسمية ارتفاع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 5.5% في مايو الماضي، لكنّ اقتصاديين شددوا على أن الموجه الجديدة التي قد تحدث في معدل التضخم خلال هذا العام لن تكون كبيرة وقد تتراوح ضمن المؤشرات الطبيعية. وأظهرت بيانات رسمية الأسبوع الماضي، ارتفاع معدل التضخم السنوي في السعودية للمرة الأولى، على مدى سبعة أشهر؛ ليصل إلى 5.5% في مايو/أيار الماضي. وقالت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، إن مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة سجل 121.3 نقطة، في 31 مايو، مقارنة مع 115 نقطة قبل عام، و كان معدل التضخم في إبريل الماضي 5.2%. وتصدرت أسعار الإيجارات، أبرز مسببات عودة النذر التضخمية في البلاد إلى جانب السلع الغذائية، وسط بوادر عودة انتعاش القطاع العقاري، مما يهدد بعودة أسعار العقارات وإيجاراتها إلى الارتفاع من جديد. وبدأت تلوح في الأفق مؤشرات قوية لعودة معدلات التضخم إلى الارتفاع بعد أن تراجعت خلال الأشهر السبعة الماضية إلى حدود ال 5 في المائة بعد أن تجاوزت أكثر من 11 في المائة نهاية العام الماضي. ويخشى المستهلكون عودة التسارع المخيف في معدلات التضخم بالسعودية كما حدث في العام الماضي، الأمر الذي يستدعي أن تتدارك الجهات الحكومية الموقف خاصة فيما يتعلق بالشق العقاري. وهنا قال الدكتور توفيق السويلم المدير التنفيذي في دار الخليج للأبحاث والدراسات الاقتصادية :"أن الطلب لا يزال أكبر من العرض في الإيجارات، وهي وضعية قد ترتفع فيها الأسعار مع دخول بعض القرارات العقارية المحفزة للسوق ، مؤكداً أن زيادة تأثير ارتفاع الإيجارات على التضخم تعتبر أكثر من أي عنصر آخر يدخل في احتساب أسعار المستهلك". لكنّ الدكتور السويلم الذي كان يتحدث هاتفياً مع "الرياض"، عودة النذر التضخمية في المملكة إلى ما كانت عليه خلال العام الماضي ، مضيفاً: "المملكة تتمتع بنمو اقتصادي قوي واستثمارات ضخمة في البنية التحتية وسياسات نقدية توسعيّة، وهذا قد يغذي الضغوط التضخمية مرة أخرى". وقال: "الضغوط التضخمية مربوطة بعوامل خارجية ومحلية والأخيرة قد تكون العامل الأقوى، حيث نشهد رغم الأزمة العالمية التي عصفت في الكثير من الاقتصاديات طفرة في الطلب المحلي. وشددّ الدكتور السويلم على أن الثقة في مستقبل الاقتصاد السعودي في ازدياد بالرغم من الأزمة المالية العالمية، وهو ما قد يرفع الطلب على الخدمات بشكل أكبر، مطالباً بضرورة أن تسارع الجهات الحكومية المعنية إلى إحكام قبضتها والسيطرة على التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار الإيجارات من خلال سنّ المزيد من التشريعات المنظمة والقوانين التي تسمح بمعالجة الشق العقاري وضخ أموال أكبر في المشاريع العقارية التي قد تنهي قضية المساكن المؤجرة التي يشغلها غالبية السعوديين". في المقابل، رأى الدكتور عبدالله الحربي أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن ربط الريال السعودي بالدولار الأميركي يقيد جهود السيطرة على التضخم، حيث إنه يرغمها على اقتفاء أثر أسعار الفائدة الأميركية ويرفع من تكلفة الواردات، مشيراً إلى أن معدلات التضخم المرتفعة تعود أيضاً إلى ارتفاع الطلب العام الناتج عن زيادة الإنفاق الحكومي وزيادة معدلات انفاق القطاع السكاني. وقال :" إذا كان هناك ارتفاع في الطلب ونقص في المعروض فإن الضغوط التضخمية لن تشهد انحساراً كبيراً، إلا أنه قال إنه لا يمكن الجزم بما سيحدث خاصة مع الأزمة المالية التي تعصف بالعالم، مشدداً على أن تراجع معدلات التضخم إلى المعدلات الطبيعية مشروط بنجاح الجهات الحكومية في تطبيق حزمة من السياسات الاقتصادية المخصصة لهذا الغرض، وتشديد الرقابة الحكومية على الأسواق لمنع أي محاولات لرفع الأسعار دون مبرر.