في مارس الماضي كتبتُ مقالا رجحت فيه تفوق الشعب الياباني (من حيث متوسط الذكاء العام) على مجمل شعوب العالم .. وأعدت السبب حينها الى عاملين رئيسيين (الأول) النظام التعليمي الممتاز الذي تتميز به اليابان منذ عهد الامبراطور ميجي (والثاني) النظام الغذائي الياباني الذي يعتمد في مجمله على صيد البحر.. وقلت حينها إن اليابان لم تتخلص فقط من الأمية منذ أربعة أجيال بل وتملك نظاما تعليميا يركز على استنباط واستنتاج المعلومة منذ سن الثالثة في حين يتضمن طعام البحر (الذي يستهلك منه المواطن الياباني أكبر نسبة في العالم) عناصر ثبت دورها في رفع معدل الذكاء وحماية الدماغ من الخرف والشيخوخة مثل حمض دوكوساهسنوك ودهون أوميجا التي يصفها الأطباء هذه الأيام لتحفيز الانتباه وتنشيط الذاكرة ورفع معدل الذكاء ... واليوم قاربت على الانتهاء من قراءة كتاب يدعى (طعام الدماغ) لعالم غذاء بريطاني يدعى "مايكل كراوفورد " درس عادات الشعوب الغذائية وأصبح على قناعة بأن ذكاء الأطفال اليابانيين يعود في المقام الأول إلى ارتفاع نسبة استهلاكهم للدهون الحميدة منذ سن مبكرة (وهي دهون غير مشبعة لا تتضمن الكولسترول تعمل على تنشيط نقاط الاتصال العصبي وتسريع انتقال النبضات العصبية في مخ الانسان خصوصا أوميجا3 الذي ثبت دوره في تحفيز الانتباه والذاكرة وأصبح الأطباء يصفونه لهذا الغرض).. ... وفي نفس الوقت تقريبا اطلعت على دراسة أجراها البروفيسور ريتشارد لين من جامعة ألستر في أيرلندا الشمالية (ونشرت في صحيفة التايمز البريطانية في مايو الماضي) تفيد بأن الألمان هم الشعب الأكثر ذكاء في أوروبا .. ويأتي هذا التقرير بعد مقارنة متوسط ذكاء عينات عشوائية من مختلف الشعوب الأوربية على مدى عامين متتاليين اتضح من خلالها أن متوسط ذكاء الشعب الألماني يبلغ 107 نقاط متقدمين بفارق طفيف جدا على الهولنديين (107,1) والبولنديين (106) والسويديين (104) والإيطاليين (102) .. أما الشعب البريطاني فأحرز متوسط ذكاء قدره (100) نقطة متقدما على الأسبان بنقطتين وعلى الفرنسيين بأربع نقاط فيما حلت شعوب بلغاريا ورومانيا وتركيا وصربيا في آخر الترتيب!! ... ورغم اتفاق العلماء على عدم وجود شعب أو جنس متفوق بذاته أو بطبيعة مورثاته إلا أن هناك محفزات اجتماعية وأنظمة تعليمية وعادات غذائية من شأنها رفع المتوسط العام لأي مجموعة بشرية / مقابل مجموعة أخرى قد لا تملك مثل هذه المحفزات .. وفي السنوات الأخيرة بدأ متوسط الذكاء الجماعي في النمور الآسيوية (تايوان وسنغافورة وهونج كونج وكوريا الجنوبية) يرتفع إلى مستويات قياسية لم يشهدها العالم من قبل .. وما يؤكد هذه الحقيقة الارتفاع المتزايد لنتائج الطلاب في هذه الدول وعدد الابتكارات المسجلة مقارنة بالمجتمعات الأخرى (حيث يحتل طلاب سنغافورة وتايوان بشكل دائم المراكز الأولى في اختبارات العلوم والرياضيات العالمية في حين يأتي الكوريون في مقدمة العالم من حيث براءات الاختراع المسجلة لكل مواطن) ! ... وفي الحقيقة هناك دراسات أخرى كثيرة يصعب سردها حاولت المقارنة بين مستويات الذكاء الجماعي لشعوب العالم المختلفة فاختبارات الذكاء الفردية تظهر مستوى الأفراد فقط ؛ ولكن الاختبارات الجماعية تعطينا (فكرة عامة) عن مخرجات النظام التعليمي والإنجاز الجماعي ومعدل الإبداع في أي مجتمع ! ... وانظر حولك ..