أحكم الجمهور خلال الأيام القليلة الماضية قبضته على الفنان الكويتي محمد الصيرفي، فأشار إليه بأصابع الاتهام كونه يستخف بعقول المشاهدين وأنه قد يقضي على ذلك اللون من البرامج التلفزيونية المحببة لدى المشاهدين، بسبب "الفضيحة" على حد تعبيرهم بعد أن انتشر مقطع فيديو يظهر فيه (صاحب المقالب) في أحد برامج الكاميرا الخفية وهو يتفق مع ضيفته على التمثيل لكي يبدو تأثرها وخوفها حقيقياً بسبب ما هي واقعة فيه. ولكن وصف تلك الحادثة بالفضيحة وأنها كانت استخفافاً بعقول المشاهدين كانت ردود فعل مبالغ فيها إلى حد ما، فما حدث لم يكن سوى فبركة إعلامية، والغرض منها رسم البسمة على شفاه المتلقي، ولكن رد الفعل السلبي تجاه تلك الحادثة ربما يعود إلى جماهيرية برامج الكاميرا الخفية لدى المشاهدين. وعندما تشاهد البرامج التلفزيونية الأخرى والجادة منها على وجه التحديد بعين ناقدة ستجد بأنها لا تخلو من (الفبركة) أيضاً، فهناك عدد لا بأس به من البرامج الحوارية والتي تتناول قضايا حساسة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو حتى رياضية وغيرها يعمد القائمون عليها برسم الطريق التي سيسلكها المذيع –المقدم- والمشاركون فيها، وذلك بهدف ضبط وإحكام السيطرة على سير البرنامج الذي لم يعرض إلا لتحقيق أثر معين ومحدد لدى المستقبل. كما أن المراسل الذي توكل إليه مهمة نقل الخبر من أرض الحدث قد يطلب من ضيفه أن يظهر تأثره بشكل واضح –وهذا وارد إلى حد كبير- سواء كان ذلك في موقع انفجار أو في حفلة فنية أو داخل إستاد رياضي، فالهدف النهائي هو نقل الصورة من أرض الحدث بكل دقة والتي تستدعي في أحيان كثيرة إلى تلميعها حتى تشد انتباه من يشاهدها ليتأملها ويتلقى ذهنه كل المعاني التي تحملها. ولهذا فإن تلك الهزة التي حدثت لبرامج الكاميرا الخفية بسبب (الصيرفي) لن تكون مدمرة لتغير من ملامحها، فآثارها ستكون محدودة وعلى نطاق ضيق، وذلك يعود إلى أن الإعلام بوسائله يتمتع بقوى سحرية تجعله طاغياً على عقولنا فيقودنا نحوه لنسلم أنفسنا إليه برغبتنا، فمن يتهم الصيرفي باستهانته بعقول المشاهدين كان يسمع من حين لآخر بأن ما يحدث لا يخرج من إطار التمثيل، ولكن بحثه عن الترفيه وما يحاكي عواطفه وينفس به همومه جعله ينقاد إلى تلك البرامج الترفيهية والجادة والرياضية وغيرها ويقبل عليها طواعية.