بعينين حالمتين .. كنت أغبطه على الإمبراطورية الاقتصادية التي ملك يديه .. يديرها كيف يشاء .. عصاميته .. كانت أشد ما كان يعجبني .. بالإضافة إلى التواضع الجم .. والذي كان يصبغ كل تصرفاته.. كان مثالاً عملياً بعيداً كل البعد - ولن أتألى على الله - عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من عبادي من لو أغنيته لفجر.. وإن من عبادي من لو أفقرته لكفر) .. هو قيصر في مجال المال والأعمال.. طبّقت شركاته جهات المملكة الأربع.. في حين كانت أصوله.. تملأ الأرض عقارات والسماء طائرات.. وفاته .. كانت صاعقة على الجميع .. فالرجل الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى .. مات وفي ذمته أربع زوجات حاضرات وثلاث مطلقات .. والعديد العديد العديد من الأبناء .. لم يكن بعضهم .. يعرف بعضاً لطول سلسلة المعرفة بينهم .. ومنذ تلك اللحظة .. بدأ الداء الأزلي .. الحسد ..! استولى زيد على إيجارات العقارات .. بينما انقض خالد على السيولة البنكية بعدما استغل وكالة سابقة من أبيه .. في حين تصرف عبيد بالمزارع والاستراحات العديدة .. وانصرف الآخرون .. كل إلى ما يقع تحت يديه من الأملاك سهلة المنال .. الجميع .. أغمض عينيه .. عن امبراطورية اقتصادية .. تنهار تحت أسماع الورثة وأبصارهم . تعج محاكم المملكة بالعديد من قضايا التركات نتيجة خلافات « مالية آنية » يرجع أغلب أسبابها إلى تصرفات دافعها الطمع .. يقوم بها بعض الورثة بغية الاستئثار والاستحواذ على أكبر قدر من التركة .. كعامل طبيعي أفرزته الخلافات الأسرية نتيجة للحسد.. حيث العقل حينها مغيّب تماماً. هذا الطمع أو الحسد أو الخلافات الأسرية سمه ما شئت .. يدفع أفراد الأسرة إلى تصرفات رعناء .. يكون الخاسر الأكبر فيها أصول التركة .. وما تمثّله من قيمة سوقية .. وهذا يبرز كأوضح ما يكون في حالة الامتناع عن بيع العقارات أو التخارج أو المناقلة بينها .. كحل يقترحه العقلاء من الورثة لإنهاء هذه الخلافات. ورغم طول أمد التقاضي في مثل هذه الحالات من المنازعات وكونه الحل الأخير والذي غالباً ما يعود بالضرر على القيمة الفعلية للعقار.. حيث البيع في المزاد العلني وما يعنيه من بخس ثمنه المقيّم به .. إلا أنه مع ذلك السلاح الأخير .. حيث لا حق لأي أحد من الورثة بالإضرار ببقية الورثة في الامتناع عن بيع ما تدعو الحاجة إلى بيعه من التركة عند قسمتها بدون مبرر شرعي . إذ من المقرر شرعاً أنه في حالة اتفاق بعض الورثة على تقسيم التركة .. واعتراض البعض الآخر على بيعها .. فلا يخلو الأمر من حالتين : • فإن كانت العقارات قابلة للقسمة على الورثة قسم بينهم . • وإن لم تكن قابلة للقسمة وكان البعض يرغب في الاحتفاظ بها أخذها بثمنها مقابل نصيبهم من التركة ويرد ما زاد على ذلك أو يرد لهم ما نقص إن كان ثمنه ناقصا عن نصيبهم . حيث لا حق لأحد من الورثة في الامتناع من بيع ما تدعو الحاجة إلى بيعه من التركة عند قسمتها أو تعطيل قسمة التركة بعد استكمال الإجراءات اللازمة بدون مبرر شرعي إلا إذا كان في ذلك ضرر . الأصل والأولى كما نص على ذلك العلماء أن يبادر بقسم تركة الميت على ورثته بعد إخراج ما تعلق بها من الحقوق .. واستكمال الإجراءات المطلوبة للقسمة من حصر الممتلكات والورثة .. فربما أدى تأخير القسمة بدون مبرر إلى حدوث مشاكل بين الورثة .. وانظر حولك .. ترى العديد من الأبراج الشاهقة .. والعقارات الفاخرة .. والمزارع العامرة .. خاوية على عروشها .. حيث الحسد .. بدأ بصاحبه .. ولم يدّخر أقرب الناس إليه ..!