سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبادرات تطويرية تستحث الفرص وتستقطب المستثمرين والممولين لمعالجة عشوائيات أحياء جدة البنية التحتية وتطوير وسط المدينة نقطتا الارتكاز في خطة التطوير العشرينية
الأحياء العشوائية، والتي تعرف بأنها أحياء أقيمت مساكنها بدون ترخيص وفي أراضي تملكها الدولة أو يملكها آخرون، وعادة ما تقام هذه المساكن خارج نطاق الخدمات الحكومية ولا تتوفر فيها الخدمات والمرافق الحكومية . والأحياء العشوائية أو «العفوية» كما تسميها أمانة منطقة جدة نشأت في بلادنا على فترات متباعدة بشكل عشوائي ، فبعضها نشأ وتوسع قبل تشريع نظام النطاق العمراني ، وبعضها ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية، وتعتبر منطقة مكةالمكرمة الأكثر عددا من حيث عدد الأحياء العشوائية في السعودية. وأكد تقرير صادر شركة جونز لانغ لاسال، شركة الاستثمارات والاستشارات العقارية، مؤخراً تقريرها عن مدينة جدة، الذي يعالج التحديات والفرص التي تواجه بوابة المملكة ، بينما تنطلق المدينة في تنفيذ رؤيتها للعشرين عاماً المقبلة من حيث إعادة تطوير وسط المدينة، وتنفيذ استثمارات كبرى جديدة في بنيتها التحتية، في حين يسلط التقرير الضوء على الخطة التطويرية الضخمة التي انطلقت في شهر مايو الماضي، ويستمر تنفيذها عشرين عاماً. وحول مدينة جدة يقول جون هاريس، رئيس فرع شركة جونز لانغ لاسال بالمملكة "تستثمر السعودية جزءاً كبيراً من ثروتها الكبيرة لتضمن قدرتها على تأمين السكن وفرص العمل للشباب وللسكان الآخذ عددهم بالنمو". مضيفاً "وفي جدة وحدها، هنالك مشاريع تطويرية عملاقة وطموحة للغاية جاري تنفيذها في الوقت الحالي من شأنها الارتقاء بالسوق العقارية في جدة لتكون الأكثر حيوية وازدهاراً خلال العقدين القادمين". ووفقاً لنتائج استطلاع آراء المستثمرين بمنطقة الشرق الأوسط حول مدينة جدة الذي أجرته جونز لانغ لاسال مؤخراً، يبدو أن الفرص المتوفرة للمستثمرين الإقليميين لا يتم الترويج لها بالزخم المطلوب كما هو الحال في بقية أسواق المنطقة". ويتابع جون هاريس هنا "إذا ما قمنا بتقييم هذه النتيجة، فإننا سنرى أن إجماع المستثمرين على هذا الرأي يستند إلى الحقائق التي شاهدوها على الأرض، وكما يوضح تقريرنا، فجدة تمر بمرحلة تطبيق مبادرات تطويرية كبرى واستثمارات هائلة لتحديث بنيتها التحتية، وبفضل هذه الاستثمارات والمبادرات ستحظى المدينة باهتمام كبير من قبل المستثمرين بالمنطقة والعالم". ويحدد دليل جدة ستة مبادرات رئيسية لإعادة تأهيل المدينة، ويتناول أهدافها. وفي قلب هذه المبادرات تأتي شركة جدة للتطوير العمراني والحضري، وشركة تطوير وسط المدن. أما بالنسبة لشركة جدة للتطوير العمراني والحضري، فهي تقوم حالياً بتنفيذ اثنتين من المبادرات الستة، أولهما إعادة تأهيل منطقتي قصر خزام والرويس، بينما تعكف شركة تطوير وسط المدن على تنفيذ مشاريع تطوير وسط مدينة جدة لإعادة تأهيل منطقة الوسط والأحياء التاريخية فيها. ويشير دليل جدة إلى أن هذه المبادرات تتسق مع استراتيجية أخرى تهدف لتحسين بنية المواصلات بالمدينة، بما في ذلك تعزيز القدرات الاستيعابية لميناء جدة الإسلامي، وتطوير المنطقة التي يقع فيها للتخفيف من الازدحام المروري في شوارعها، إضافة إلى تأسيس خط سكة حديد للقطارات الخفيفة يربط وسط المدينة بالمطار، ناهيك عن مشروع قطار مكةالمكرمة – المدينةالمنورة السريع، وأخيراً إنشاء الجزء الغربي من مشروع الجسر البري الذي يربط طرق الشحن البرية عبر البلاد مروراً بالرياضوجدة والدمام. ولعل أبرز استثمارات البنية التحتية بالمدينة تتجسد في مشروع توسعة مطار الملك عبد العزيز لتصل قدرته الاستيعابية إلى 25 مليون مسافر سنوياً. ومن المقرر أن تنتهي الهيئة العامة للطيران المدني من تنفيذ هذا المشروع بحلول العام 2012م أو 2013م. وتتضمن رؤية الهيئة مكوناً رئيسياً هاماً ألا وهو تطوير مطار كبير يتضمن مرافق لرجال الأعمال، ومحلات تجارية، ومنشآت سكنية وأخرى لخدمات الضيافة، بالإضافة إلى مناطق للاستجمام. ولدى مراجعة الاتجاهات الاقتصادية الحالية، يشير الدليل إلى أن خفض إنتاج النفط وتباطؤ نمو المنتجات غير النفطية يعني بالضرورة أن اقتصاد المملكة معرض للانكماش بمقدار واحد بالمائة خلال العام 2009م. وفي الوقت الذي ما يزال فيه الإقراض العام مقيداً، فإن الأرقام التي صرحت بها شركة ميد للمشاريع تشير إلى نمو في استثمارات القطاع العام يقابله تباطؤ في استثمارات القطاع الخاص. فقد بلغت قيمة عقود القطاع العام التي تمت ترسيتها خلال الفترة من شهر أكتوبر 2008م وحتى شهر إبريل 2009م 137 مليار دولار أميركي، مقابل 62 مليار دولار قيمة المشاريع التي تم إلغاؤها أو إيقافها خلال نفس الفترة. وحول أوضاع سوق المكاتب، يشير التقرير إلى أن جدة، بعكس مدينة الرياض، لا تحتضن حياً مركزياً مخصصاً للأعمال، وأن منطقة البلد التاريخية تعاني من نقص هائل في المساحات المكتبية العصرية. وبالرغم من ذلك، وفي ظل حاجة المدينة الملحة للمساحات المكتبية في العام الحالي، يذكر التقرير أنه بعد مرور عشرة أعوام من دون استحداث مشاريع إضافية لتطوير المساحات المكتبية، من المتوقع استكمال أكثر من 300,000 متر مربع من هذه المشاريع في العام 2010م. ويؤكد التقرير أن المنشآت الناجحة ستكون تلك التي تقدم أكثر مما هو متاح في السوق حالياً، من حيث مواقف السيارات والمرافق والتجهيزات عالية الجودة. وفيما يتعلق بالسوق السكنية، تتمتع جدة بمخزون يقدر بحوالي 807,000 وحدة سكنية، مضافاً إليها 30,000 وحدة قيد التنفيذ تم الإعلان عن تسليمها خلال الأعوام الخمس القادمة. وبالرغم من ذلك، فإن سير تنفيذ هذه المشاريع لا يتماشى مع المعلن عنها ويتوقع الدليل وجود 5,000 وحدة سكنية تحت الإنشاء حالياً من قبل مطورين من القطاع الخاص، 60% منها عبارة عن شقق سكنية. وفي نظرة على سوق التجزئة، يتناول التقرير التوسع الجديد الذي شهده القطاع في العام 2008م، والذي نتج عنه فائض في العرض. حيث يبلغ المعروض من الوحدات التجارية حالياً مليون متر مربع، وفي حال تم المضي بتنفيذ المشاريع المعلن عنها، فسيرتفع هذا الرقم إلى 1,6 مليون متر مربع بحلول 2014م. ومن بين جميع القطاعات العقارية في جدة، يشير الدليل إلى سوق خدمات الضيافة على أنها الأقل تأثراً بالتباطؤ الاقتصادي، فجدة بوابة لنحو أربعة ملايين مسلم يسافرون إلى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة كل عام، بينما إطلالتها على البحر تجعلها وجهة للرفاهية لدى المواطنين السعوديين. الطلب مستمر في الارتفاع، وقد شهد الربع الرابع من العام 2008م، توقيع اتفاقية مبدئية للبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من خطة سياحية رئيسية بقيمة 38 مليار دولار تهدف لتطوير 19 موقعاً سياحياً على ساحل البحر الأحمر. ويلقي عبد الله الفاضل، مدير تطوير الأعمال بشركة جونز لانغ لاسال، نظرة على مستقبل السوق العقارية بمدينة جدة قائلاً "مصالح القطاعين العام والخاص تستجيب الآن للتحديات التي تواجه مدينة جدة، والتي يمكن تلخيصها في التركيز المتزايد على العاصمة الرياض، وقيام الهيئة العامة للاستثمار بإنشاء ستة مدن اقتصادية في مختلف أنحاء المملكة، بالإضافة إلى الجاذبية الكبيرة التي تتمتع بها نظيراتها من مدن الخليج الأخرى". ويختتم الفاضل "بأخذ هذه العناصر بعين الاعتبار، والاستعانة برؤية واضحة وطموح متقد، ومستويات عالية من الاستثمار العام، ستنضم جدة إلى مصاف مدن العالم الأكثر جاذبية في سوق العقارات خلال العشرين عاماً القادمة". وفي موضوع ذي صلة، رأت دراسة علمية عقارية بأن إعادة تأهيل أحياء وسط المدينة والحفاظ على وظيفتها السكنية سيقود إلى إيقاف هجرة السكان الأصليين إلى الضواحي وأطراف المدينة، وبالتالي ستخف حدة أزمة السكن ويتناقص الطلب على المساكن الجديدة وهذا سيقود- بحسب الدراسة- إلى توفير الموارد (الأموال والأراضي) وإستغلالها بشكل مثالي، كما سيحد من مشاكل التمدد الأفقي السريع للمدن السعودية. وأوصت الدراسة التي قدمها المهندس علي بن محمد السواط من كلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود، بسرعة معالجة وضع الأحياء السكنية الواقعة وسط المدينة في سبيل الحفاظ على وظيفتها ورصيدها السكاني الأصلي وإيقاف استمرار هجرة الأسر السعودية إلى الضواحي والأحياء الحديثة. وقالت الدراسة التي حملت عنوان " أسباب هجرة الأسر السعودية من أحياء وسط المدينة " أن أصبحت أحياء وسط المدينة السعودية بأوضاعها الراهنة طاردة للأسر السعودية، إذ يبدو أن هناك استمراراً للتفريغ السكاني من تلك الأحياء، فالمدينة تنمو بشكل متواصل وأنماط الحياة السائدة تتبدل وتتغير بطريقة تتزايد وتيرتها يوماً بعد يوم. وفي ظل هذا الوضع تتواصل هجرة السكان الأصليين من أحيائهم الواقعة وسط المدينة والأحياء المحيطة بها إلى الأحياء الجديدة الواقعة في الضواحي وأطراف المدينة. ونتيجة لذلك يبدأ التدهور في بعض أحياء في وسط المدينة فتتهالك مبانيها ومرافقها وخدماتها، ويكون ذلك مصحوب بأوضاع اجتماعية متردية في تلك الأحياء ناجمة عن تفكك النسيج الاجتماعي وإنتفاء الخصوصية بسبب إنتشار الأنشطة التجارية بها بشكل عشوائي. وقد أضحى بعض هذه الأحياء بعد أن هجره سكانه الأصليون ملاذاً لذوي الدخل المنخفض من المهاجرين من الأرياف والعمالة الوافدة الذين ليس لديهم إنتماء وارتباط اجتماعي بهذه الأحياء، وهو ما يقود إلى تعدد وتنوع الثقافات في أحياء وسط المدينة، ومع مرور الوقت تطغى ثقافة العمالة الوافدة على بعض هذه المناطق فتتحول تدريجياً إلى أحياء متخلفة فاقدة لنسيجها الاجتماعي المترابط وطابعها السكني المريح.