في بدايات السبعينات نشر شاه إيران سلسلة إعلانات في الصحف الغربية عن أقوى جيش من بين 5 جيوش في العالم وحمل الإعلان إيحاءً بأن الجيش الإيراني يحتل المرتبة الثالثة بعد الجيشين الأمريكي والسوفييتي ، يومها توجه شاه إيران لاحتلال الجزر الإماراتية ، وإعلان الهوية الفارسية للخليج ، وأكثر من ذلك نصب نفسه شرطياً للمنطقة بما في ذلك دعمه لحرب الأكراد على النظام العراقي حينها والتي أسفرت عن اتفاقية سلمت باحتلال إيران لشط العرب.. الخ.. يومها كان الشاه مسوقا بالحلم أو الكابوس الامبراطوري الفارسي. وقد كان الشاه صديقاً لأمريكا وإسرائيل والغرب، ولكن هذا لم يمنع من الخلاص منه، ونبذه بعد سقوط حكمه، ذلك أنه لم يكن مقبولاً حتى من أقرب أصدقاء أمريكا أن يلعب دوراً أكبر من حجمه، وهكذا كان تضخيم قوة جيشه مبرراً لوضع نهاية هذا الجيش ونظام حكم الشاه.في العام 2002 أعلن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية واثقة ومنتشية ولديها معلومات دقيقة بشأن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وقال إن العراق تمكن من خداع فرق التفتيش وأنه لا مناص من القيام بعمل عسكري لوضع اليد على هذه الأسلحة الخطيرة، بالإضافة إلى تعاظم قوة الجيش العراقي حسب ما أكده يومها تشيني والذي يهدد أمن الخليج والسيطرة العراقية على إمدادات النفط.. وانسياقا وراء تأكيدات تشيني ورامسفيلد آنذاك اندفعت إدارة الرئيس بوش لأخذ موافقة الكونجرس الامريكي للحصول على تفويض باحتلال العراق تفاديا للخطر، ومع توظيف أحداث 11 ايلول 2001 لتلفيق ربط العراق بالارهاب. بقية القصة معروفة للجميع حيث لم يحتج جورج بوش الابن إلى اللجوء إلى مجلس الأمن لأخذ قرار أو تفويض بالحرب كما فعل والده في العام 1990 وهكذا حدث ما حدث. لا نبالغ إذا قلنا إن تفاخر الرئيس الإيراني أحمد نجاد بقوة إيران العسكرية والتكنولوجية وغير ذلك هو أمر مرغوب عند أمريكا وإسرائيل والغرب للإيحاء بأن هنالك قوة خطيرة تسعى للسيطرة على الخليج، وأكثر من ذلك قوة كبرى تهدد تفوق الغرب العسكري التكنولوجي الذي بني على مدى أكثر من قرن.في يوم من الأيام في منتصف الخميسنات تقدم الاتحاد السوفييتي على أمريكا في تطور القوة العسكرية السوفييتية وصولاً إلى الصدمة لأمريكا والغرب التي تمخضت عن إرسال أول إنسان للقمر وريادة الفضاء يومها في جنوب أمريكا واندفعت بسرعة في تطوير برامجها بارتياد الفضاء والاندفاع في حرب تسلح أرهقت الاتحاد السوفييتي الذي ظلت وسائل الإعلام الغربية تردد أنباء عن تفوقه العسكري... الخ.الاتحاد السوفييتي حقيقة كان يملك قوة عسكرية هائلة وعاتية، ولكنه سقط من الداخل، فقد كانت هناك حرب لئيمة وخبيثة تشن على المجتمعات الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي أدت إلى هذه النتيجة. والأمر في كل النماذج التي ذكرنا على اختلافها هو في جوهره حرب غير معلنة ضد كل من يريد لعب دور عسكري خارجي، والعبرة هي في حق إيران بامتلاك قوة للدفاع عن نفسها ولكن لم يكن مسموحاً لها ولا لغيرها أن يتخذ أو يلعب دوراً أو غير ذلك. يظل أن نقول إن العصر الذي نعيش فيه لا يتسع لأحلام امبراطورية , وحتى الولاياتالمتحدة الأميريكية تحول حلمها الامبراطوري إلى كابوس , وأكثر من ذلك تسبب في انهيارها المالي وإلى إضعافها , بحيث بات طموحها مقتصراً على إزاحة الكابوس و التخلي عن وهم استعباد العالم.