العراق، النفط، السلاح النووي، هي محاور الصراع الإيراني، مع إسرائيل وأمريكا، وحتى زمن التحالف ما بين الشاه والغرب، ورفض العالم الإسلامي للطروحات الماركسية التي تبناها الاتحاد السوفياتي الجار لإيران، لم تكن الاستراتيجية المشتركة الإيرانية - الأمريكية تغفل مفعول الإسلام كنقيض لطروحات الغرب والشرق معاً، غير أن تغيّر الظروف في الأحوال القائمة مزق تلك العلاقات ووضعها في دوائر التفاعل السلبي الذي يتحرك نحو صدام مسلح.. إسرائيل، دائماً على خط التماس مع المنطقة، ومع كل دولة إسلامية تحصل على سلاح متقدم أو مدمر، ولذلك عارضت بشدة امتلاك باكستان سلاحاً نووياً، وكادت أن تقوم بمغامرة بضرب مفاعلاتها، لولا الخوف من رد فعلٍ لدولة توضع في مصاف الدول الثانوية عسكرياً، وقد فجرت المفاعل النووي العراقي، وبفضل تصريحات (شاؤول موفاز) وزير الحرب السابق، ووزير المواصلات في حكومة إسرائيل عندما هدّد بضرب كل مكونات السلاح النووي الإيراني، وهو الذي ينحدر من أصل فارسي، وضع حكومته، وحتى أمريكا في موقف دبلوماسي صعب، لأنه حتى لو وجدت مثل هذه النوايا، فعلى الأقل تبقى رهن تصوّر الدولة وحليفتها الكبرى، مما جعل النتائج تنعكس سلباً عندما قفز سعر برميل النفط إلى رقم قياسي بسبب هذا التصريح، وفسرته أوساط أوروبية، وعالمية بالتسرع والخطأ، وبصرف النظر عن التصريحات الساخنة التي جرت على لسان (موفاز) فالموضوع يبقى ضمن حسابات دولية دقيقة لا تجعل إسرائيل، هي من يحدد المخاطر على الأمن العالمي، وحتى لو وجد ضوء أخضر من أمريكا بجسّ النبض بمثل هذا التصريح فالنتائج جاءت معاكسة.. ومثلما ترفض دول المنطقة تسلح إسرائيل الذي جاء بدعم أوروبي - أمريكي فأيضاً لا يمكن أن تجد المنطقة العربية بسبب تسلح إيران النووي، مدفوعة بامتلاك قوة مماثلة، وإلا غرقنا بمصاريف هائلة، ومعها مخاطر أكبر من تصوُّر أن هذا السلاح رادع فقط.. ثم إذا افترضنا أن هناك جدلاً حاداً حول اتفاقية أمنية، عراقية - أمريكية تنظر إليها إيران على أنها تهديد مباشر إذا ما تم تطويق حدودها المهمة بقواعد أمريكية، فإن الأسباب توجبها مسألة هذا التسلح، وسيتم التفريق بين امتلاك إسرائيل قنابلها النووية، وبين إيران، لأن الأخيرة، من المنظور الأمريكي، دولة "ثيوقراطية" راديكالية لا توجد لها الموانع من أن تستخدم سلاحها، في أي حالة ما، أو تنشر هذه التقنية على مساحات عربية أو إسلامية أخرى.. وبصرف النظر عن ادعاء كل طرف، فالموضوع حساس جداً لأن أمن المنطقة لا يأتي على أولويات أمريكا وإسرائيل، حتى بوجود القوة الأمريكية المنتشرة على أرض الخليج والمحيط الهندي، والعراق سيظل المعادلة الحادة في ميدان المساومات، وقد تفترض إسرائيل أن حدود أمنها لا تقف على بلدان الجوار، بل كل العالم الإسلامي إذا ما وصلت قدراته العسكرية، إلى ما يوازيها بالقوة والردع.. فهي لم تستنكر على الهند وجنوب أفريقيا، وحتى الأرجنتين، وكوريا الشمالية أن تمتلك أذرعة نووية، إلا إذا خرجت إلى الأبعاد العربية، والإسلامية، ويبقى موضوع السلاح النووي عقدة تتجاوز المسائل العامة، كالحصول على تقنيات سلمية لهذه الطاقة، إذ يمكن السماح بها إذا كانت تحت مظلة الرقابة الدولية، وبشروط أمريكية، ومن هنا تأتي المخاطر إذا ما أقدمت إسرائيل وحولت تصريحات مسؤوليها الساخنة إلى فعلٍ ستكون آثاره مدمرةً على كل العالم..