إحدى السمات التي يتسم بها عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - هو التوسع الكبير في إنشاء مؤسسات التعليم العالي حيث تضاعف عدد الجامعات تقريباً خلال السنوات الأربع الأخيرة وأصبح هناك جامعة بكل منطقة وبعض المناطق بها أكثر من جامعة واحدة. الجامعات الجديدة ركزت على التوسع في التخصصات الصحية والهندسية والعلمية بهدف المسارعة في سد الفجوة الحاصلة في توفر الكوادر الوطنية في تلك المجالات، لكن هناك إشكالية نراها تخلق في الجامعات الجديدة وفروع الجامعات في المناطق، تتمثل في التكرار والنسخ للتخصصات وضعف التنسيق والتكامل بين الجامعات المتقاربة مكانياً. سأوضح هذا الأمر في كليات العلوم الصحية (العلوم الطبية) والأمر ينطبق على الهندسة و العلوم الإنسانية وغيرها. تخصصات العلوم الصحية (العلوم الطبية) عديدة، ويصعب على كلية واحدة تغطية جميع التخصصات، بدليل أن جامعة الملك سعود لا تغطي كليتها سوى أربعة عشر تخصصاً ولو انجرفت خلف حماس أعضائها لزادت عليها عشرة تخصصات أو أكثر بكل سهولة. ما نلحظه أن نفس الجامعة في فروعها بالخرج وغيرها من المناطق والجامعات الأخرى بالرياض تكرر تخصصات محدودة وهناك تخصصات أخرى تغفل ولم تتبنها أية كلية من الكليات الواقعة بمنطقة الرياض. نفس المثال يتكرر على مستوى كليات وجامعات المناطق الشمالية وجامعات المناطق الجنوبية وجامعات المنطقة الغربية وجامعات المنطقة الشرقية. بعد ذلك التمهيد تأتي الفكرة التي أطالب بتبنيها هنا وتتمثل في أهمية اجتماع ممثلي جامعات وكليات كل منطقة على حدة ، ربما في مجلس المنطقة للتعليم العالي، والتنسيق فيما بينهم في اختيار التخصصات التي يتم تدريسها وتبنيها ليصبح هناك تكامل في تدريس كافة التخصصات بالمنطقة الواحدة ويقلص التكرار والنسخ الذي سيقود إلى مأزق في توظيف الخريجين مستقبلاً بالمنطقة الواحدة ولكي تركز كل كلية على تعليم أربعة إلى ستة تخصصات فقط، بدلاً من التضخم الذي نرى نموذجه بكليات جامعة الملك سعود. على سبيل المثال يمكن للكلية المقامة بالخرج أن تركز في تدريس تخصصات مختلفة عن تلك التي تتبناها الكلية المماثلة بالمجمعة أو الرياض أو وادي الدواسر. مثال ذلك يمكن لجامعة الجوف تبني تخصصات، على مستوى الكلية، مختلفة أو مكملة لتلك التي يتم تبنيها بحائل وتبوك والحدود الشمالية.التنسيق سيكون مفيداً ليس فقط في اختيار التخصصات وتكاملها بل في إقامة المؤتمرات و النشاطات الثقافية والعلمية وفي استقطاب الاساتذة الزائرين وفي تبادل الأساتذة وفي تبادل الطلاب و تنسيق مسابقاتهم اللاصفية وغير ذلك من الأمور.عملياً، أدعو إلى إنشاء خمسة مجالس للتعليم العالي بالمناطق (الوسطى، الجنوبية، الشمالية، الغربية، الشرقية) يبدأ من خلالها التنسيق والتكامل والتعاون بين مؤسسات التعليم العالي بكل منطقة...