التعاون مع جامعات تعليم عال متقدمة يعتبر مطلباً أساسياً لتعليمنا العالي المحلي، وبالذات ونحن مقدمون على توسعات كبيرة في مجال التعليم العالي عبر إنشاء كليات عديدة تتطلب الاستعانة بخبرات متميزة، ليس فقط في التدريس ولكن في تصميم المناهج والخطط الدراسية وتدريب أعضاء هيئة التدريس، وغير ذلك. هذا ليس انتقاصاً من جامعاتنا القائمة، ولكنها الحاجة للتطوير والبحث عن نماذج جديدة متميزة تضيف لرصيدنا في مجال التعليم العالي، وحتى لاتصبح برامج التعليم العالي مجرد نسخ مكررة من بعضها البعض. سأذكر هنا أمثلة لما يحدث في الكليات الطبية والصحية وكيف أنها تكرر نموذجاً وحيداً في هيكلتها الأكاديمية والمنهجية، بالرغم من وجود، إن لم نقل تجاوز النموذج، نماذج عالمية أخرى تستحق أن تجرب. الكليات الطبية ومنها كليات جامعة الملك سعود (الأم) تدور حول حلقة في قبول الطلاب؛ هل تقبلهم مباشرة إلى الكليات الطبية أم يقبلون إلى برنامج العلوم الصحية ثم بناء على المعدل يحولون إلى الكليات الطبية وفق التراتبية (الوهمية)، ذوو المعدلات الأعلى للطب والأقل للتمريض... لم تتبن أي من الجامعات الحكومية نموذج إنشاء كلية علوم صحية عامة أو تطوير كلية العلوم لديها لتصبح المدخل لمن أراد الدراسة الطبية، رغم أن هذا النموذج مطبق في كندا والولايات المتحدة واستراليا وغيرها.. برامج الكليات الصحية عبارة عن دراسة نظرية ثم سنة تطبيق أو مايعرف بسنة الإمتياز، بينما في البرامج المشابهة بالولايات المتحدةوكندا والمملكة المتحدة، يوجد برنامج دراسي يدخل ضمنه التدريب السريري ولا يوجد مايعرف بسنة الامتياز التي تعقب البرنامج الأكاديمي. ليس هناك برنامج واحد لكلية صحية، رغم كثرتها بالمملكة، قام بتبني أو تجريب المنهج المطبق في تلك الدول وبالتالي الخروج من نمط التكرار والنسخ فيما بين جامعاتنا وكلياتنا، بالذات الحكومية منها... جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، بالحرس الوطني، دخلت في شراكة متميزة مع إحدى الجامعات الاسترالية المتقدمة، بغرض نقل تجربتها المتقدمة، وبالتالي هي تستحق الإشادة بهذا التوجه الذي نتمنى أن يكون له الفائدة مستقبلاً في جلب تجارب جديدة متميزة للتعليم الطبي ببلادنا، وهي كذلك تقدم نموذج تعليم الطب بعد المرحلة الجامعية (مع أمنيتي أن لايشمل ذلك خريجي الكليات الصحية، لحاجتنا إلى المتميزين في تلك التخصصات للبقاء في تخصصاتهم). لا يتسع المجال لطرح تفاصيل التجربة، لكنني أرحب بالتجديد والبحث عن نماذج مختلفة، لأجل تنوع تجاربنا و لتجنب السقوط في فخ التكرار والنسخ الجاهز، كما يحدث حالياً....