كتبتُ في مقال سابق عن الهيكلة الإدارية بالجامعة، وكان للمقال صدى طيب لدى المهتمين، حيث اتفق الغالبية على أن الطريقة الحالية بتحويل جميع أو غالبية القرارات للإدارة العليا والمجلس الاعلى للجامعة له سلبياته التي ليس المجال لتفصيلها. كما رأوا بأن الكليات لا تتحدث (تتعاون) تتكامل مع بعضها البعض رغم الشبه الكبير والتداخل والتكامل في المهام بين كل مجموعة منها؛ مجموعة الكليات الصحية، مجموعة كليات العلوم الإنسانية، مجموعة الكليات الهندسية، إلخ. كنت طرحت فكرة الكلية الكبرى يتبعها مدارس تمثل الكليات الحالية، على غرار النموذج البريطاني والكندي، لكن ردود الفعل أوحت لي بأن مجتمعنا الأكاديمي لن يرضى بتصغير مسمى الكليات الحالية ويصعب تبني فكرة دمج الكليات لاعتبارات مالية وتنظيمية وثقافية. وعليه أطرح الفكرة وفق نموذج أكثر قبولاً، ألا وهو نموذج يدعو إلى إنشاء مجالس أو لجان تنفيذية تحتل منطقة وسط الهرم الإداري الأكاديمي، وأستخدم الكليات الصحية كمثال توضيحي.. لدينا في كل جامعة مكتملة مابين ثلاث إلى سبع كليات صحية، هذه الكليات ونتيجة للنموذج الإداري الحالي تعاني من ضعف التنسيق والتكامل في حالات كثيرة، فنجد المستشفى الجامعي تسيطر عليه كلية واحدة والمعامل المتشابهة متكررة في أكثر من كلية والمواد المتشابهة تدرس في كل كلية. كل كلية تستقطب أعضاء هيئتها التدريسية رغم إمكانية مشاركة بعضهم في أكثر من كلية تبتعث بمعزل عن الكلية الأخرى رغم تشابه الاحتياجات في بعض التخصصات. الأبحاث تجرى بشكل مستقل بكل كلية... يضاف إلى ذلك أن لكل كلية ممثلها في مجلس الجامعة وفي المجلس العلمي وفي اللجان الأكاديمية الأخرى، رغم إمكانية وجود ممثل واحد لتلك الكليات للتشابه المعرفي والوظيفي بينها.. البديل المقترح هو إنشاء مجلس تنفيذي للكليات الصحية، يكون من عمداء الكليات الصحية وممثل أو ممثلين للجهات الأخرى ذات العلاقة كوكالة الجامعة للبحث والدراسات العليا ووكالة الجامعة للجودة والشؤون المالية والإدارية، إلخ. هذا المجلس يتولى وضع الخطط التطويرية ذات العلاقة بالكليات والخدمات الصحية بالجامعة، وتوكل إليه مهام إقرار التعاقد وتعيينات المعيدين والمحاضرين، وإقرار المناهج والمواد والبرامج الأكاديمية الصحية، وغيرها من الأمور ذات الطبيعة التنفيذية والتي يتسبب عرضها على مجلس الجامعة والجهات لعليا بالجامعة روتيناً معيقاً لا حاجة إليه. هذا المجلس التنفيذي سيصبح له ممثل واحد في المجلس العلمي وأآخر في مجلس الجامعة وغيرهما من اللجان العليا بما يقود إلى تقليص حجم الإدارة والمجالس العليا بالجامعة وأعبائها التنفيذية وبالتالي رفع كفاءتها ومنحها الوقت الأكبر للالتفات للجوانب التخطيطية والإشرافية.