أطلعت على مقال الأستاذ تركي السديري والمعنون (بحرب الخمر واللغة بمفهوم هيكل) في زاويته لقاء من العدد رقم 14896 وتاريخ 10/4/1430ه في صحيفة «الرياض» ولقد استوقفني طرح الأستاذ تركي فرأيت جدارة المشاركة، خاصة وقد نجح محمد حسنين هيكل في التحول إلى ظاهرة جدلية في الشأن السياسي والإعلامي العربيين مستغلاً خبرته الصحفية الطويلة والممتدة لأكثر من ستة عقود والتي من خلالها عاصر الكثير من الزعماء وله كتاباته المثيرة حولهم بعد (رحيلهم). ولقد اشتهر بذلك، ولم يكن هيكل منصفاً في نقده للقيادات حيث كان في نظري يعيش تحت تأثير الايديولوجيات المتراكمة وتصفية بعض الحسابات مع الذين اختلط بهم مما أفقده شرطاً أساساً في التناول التاريخي بل والمهني وهو الموضوعية ومن هذه النماذج موقفه من المشهد السياسي المصري المعاصر فهيكل متناقض في بعض أطروحاته ففي بداية ثورة يوليو 1952 كان يمجد القومية العربية متأثراً بعبد الناصر الذي قرب هيكل عنده كمستشار خاص ومن ثم إلى وزير، وبعد رحيل عبدالناصر استغل هيكل الفرصة وتقرب من أنور السادات وقد أصيبت هذه العلاقة بالفتور فيما بعد لاختلاف في وجهات النظر وبعد اغتيال السادات أصدر كتابه خريف الغضب والكتاب في مجمله نقد للسادات ومواقفه ما الذي غير هيكل؟! والذي كان في بداية عهد السادات من أشد المدافعين عن سياسته وجعله يصدر كتابه الناقم، ثمة أمور عند هيكل متناقضة في حياته. ففي السابق كان مؤمناً بالقومية العربية ومدافعاً عن مشروع عبدالناصر القومي ثم في مرحلة لاحقة وبالتحديد في التسعينيات من القرن الماضي ينقلب على عبدالناصر ويقول (إن عبدالناصر لم يكن صادقاً في دعوته للقومية العربية) فهل كان هيكل يبحث عن أمجاد شخصية وذيوع في الشهرة على حساب الحقيقة أم أنها محاولة لتعويض أمجاد كان يطمح لها ولم تتحقق نلمح ذلك وغيره من خلال سرد هيكل تاريخه الحديث مع الزعماء الراحلين وكأنه يشعر المتابع أنه شخصية هامة جداً وأن الزعماء يحسبون له ألف حساب عند استقباله حتى يخيل للقارئ أن هيكل قد دخل غرف نومهم. * القصيم - بريدة