لعلي في مقالي الأخير هذا عن هروب الخادمات. أتطرق إلى القوانين، و دول الشرق بصفة عامة ونحن منها تختفي فيها القوانين التي تحمي العمالة وتحمي أيضاً صاحب العمل. فالعاملات لدينا يعانين من غياب أي احترام لذواتهن وكيانهن كإنسان لابد له من تنظيم لساعات عمله واحترامه وتقدير خصوصيته . قولوا لي بربكم من منكم لاتعمل العاملة لديه أكثر من ثماني ساعات يتخلل ذلك فترة راحة؟ ومن منكم لايجعلها رهينة طلبه خاصة في أسرنا التي يزداد عدد أفرادها؟ بعض الأسر هداهم الله يتعامل مع الخادمة وكأنها جهاز عمل لا يكل ولا يمل!!. فنجد أن العاملة تلبي طلبات أفراد الأسرة كل حسب رغبته والوقت الملائم له. ثم إن في مجتمعنا عدم فهم لمعنى الرحمة الذي يعتقد البعض أنه يتمثل فقط في عدم القسوة على العاملة المنزلية والإغداق عليها بالهدايا والملابس، وينسى تلك الحاجة للاستقلالية الذاتية حتى الحاجة للترفيه والالتقاء بصديقات من نفس جنسيتها قد تختفي من قواميس كثير من أسرنا بذريعة أن العاملة قد تفسد وتتغير إن اختلطت بالعاملات الأخريات!! من ناحية أخرى حتى مكاتب الاستقدام لدينا أصبحت من سماتها الجشع الذي لا يمارس فقط علينا بل على العمالة في وطنها، فلقد علمت أنهم هناك أيضاً يأخذون منهم بعض المال لقاء إحضارهم بل إنني علمت مدى ما تعانيه العاملات في رحلة الحضور إلى هنا بسبب تلك التذاكر الرخيصة التي تجعل العاملة تعاني الأمرين وتنتظر في العديد من المطارات لساعات طويلة مملة وكأنها ليست إمرأة مسلمة تحتاج منا الاحترام والتقدير. ولاتستغربوا ان تستغل العاملة هناك وهي تنتظر بأن تقوم بتنظيف مكتب وبيت مديري فروع المكاتب المنتشرة في دول الشرق الأقصى!! كل ماسبق ذكره ليس مبرراً لهروب العمالة وأن تخسر فلوسك ويضحك عليك . نحن شعب كسول كما ذكرت في موضوعي السابق نعم وألف نعم، نحن شعب لا يتعاون أفراده ويتأفف الرجل فيه من المساعدة حتى لا تجرح رجولته ، ونحن نبني بيوتاً كبيرة الحجم متعددة الأدوار والحجرات نعم أيضاً هذه حقيقة . وتبقي الحقيقة ذات الصوت الأعلى هي حتمية وجود العاملات في بيوتنا حتى نتغير . ونحن نعرف أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. والأهم يا سادة هي القوانين التي تحمي العمالة وتحمينا كمستورد لها . بربكم أين هي ؟ زميلة لي أرادت أخذ عاملتها الإندونيسية معها لأمريكا وحكت لي عن العقد الذي وقعته في السفارة الأمريكية والذي يضمن للعاملة وللأسرة حقوقهما. وفي النهاية تضيع أيضاً حقوقنا فنحن لا نعاقب العاملة الهاربة بل نرجعها لوطنها فقط، فلماذا لا نحتفظ مثلا ببصمات من يتلاعب بنا من العمالة الوافدة حتى لا يعود إلينا مرة أخرى؟! وسؤال يطرح نفسه، كم أتمنى أن أعرف ما هي حكاية وما هي مصادر تزويد بعض المكاتب بالعاملات المدربات اللاتي يتم الإعلان عنهن في صحفنا اليومية وبطريقة مكثفة!! وأخيراً: يستحق القانون بعض المحبة لأنه عادل، ويستحق بعض الخوف لأنه قاس، ويستحق بعض الاحترام لأنه ضروري.