أثارت انحناءة الرئيس الأمريكي أوباما لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حينما سلّم عليه في اجتماع قمة العشرين في لندن ردود فعل متباينة في الشرق والغرب. وهي ردود فعل تكشف عن جوانب ثقافية وسياسية في علاقات الشعوب ببعضها. فبعض العرب وجدوا أن هذه الانحناءة هي دلالة لاغبار عليها تؤكد أن الرئيس الأمريكي يحب العرب ويهتم بالإسلام وأنه ربما لن يتأخر عن منح أي مسلم الجنسية الأمريكية دون عراقيل، وفي المقابل لم يتقبل المحافظون والمتعصبون في الغرب خصوصًا في الولاياتالمتحدة أن ينحني الرئيس الأمريكي لملك عربي، فقد امتلأت المدونات بالصور ومقاطع الفيديو والتعليقات الغاضبة، كما زار عدد كبير من الناس موقع اليوتوب لكي يشاهدوا المقاطع الخاصة بلقطة السلام التي حدثت بين أوباما وبين الملك عبدالله. ففي موقع المفكر الأمريكي، وهو موقع إخباري يعرض مايهم القارئ الأمريكي، تقول الكاتبة كلاريس فيلدمان: إن مافعله أوباما أثناء لقاء ملك السعودية هو ليس من الإتكيت المتبع في العادة، وأن الرؤساء لايركعون للملوك لاعتبارات سياسية. ثم ألحقت ذلك بسياسة التحية على الملكة البريطانية بحكم أنها –وفق وصف الكاتبة- تهتم كثيرًا بالبروتوكولات والإتكيت كماهي عادة العائلة المالكة عبر التاريخ. في التقرير الملحق لايوجد شيء يجب أن يقوم به ملقي التحية على الملكة سوى أن يظهر الاحترام، ولكن إن رغب الرجل فله أن يحني رأسه قليلا نحو الأمام والأسفل بينما تأخذ المرأة خطوة نحو الأسفل مع إبعاد طرف الثوب عن الملكة. وفي الصحيفة اللاتينية Hispanic Bussniess وهي صحيفة تعنى بالشؤون المالية وتنشر باللغة الإنجليزية، ذكر الكاتب راب كوزونيا أن المحافظين لم يتحملوا منظر احترام أوباما الواضح لملك السعودية، ويقولون بأن الرئيس السابق بوش أمسك بيد الملك من باب الاحترام لكن ماقام به أوباما تعدّى ذلك وظهر وكأنه أقل منه مستوى. وتستمر التعليقات السلبية الحاقدة في المقارنة بين سلام أوباما على الملك عبدالله وبين سلامه على ملكة بريطانيا بأسلوب ينم عن مقارنة لاتخلو من السخرية. وقد شملت الحملة زوجة أوباما التي وصفت بأنها لاتفهم كثيرًا في الإتكيت وذلك بعد أن وضعت يدها على ظهر ملكة بريطانيا وهما تسيران في الغرفة. ومع أن السيدة الأمريكية كانت تحاول إظهار مشاعر إيجابية تجاه الملكة إلا أن عين السخط ترى مالاتراه عين الرضا، فقامت الصحافة الأمريكية المحافظة ولم تقعد وهي تحاول التشكيك في نوايا أوباما ومدى جاهزية زوجته لقيادة الواجهة الثقافية والاجتماعية في البلاد. وقد كانت هذه الحرب الإعلامية على الرئيس الأمريكي غير مبررة في نظر العالم، فقد سخرت الصحيفة الأسترالية Sydney Morning Herald بقولها: إن الأمريكيين لايعرفون كثيرًا في الإتكيت وإنهم حينما يذهبون إلى أوروبا يقعون في مواقف محرجة كثيرة. وتقول المدونة الأمريكية السوداء ساندرا روز وهي ناقدة محافظة تهتم بأخبار المشاهير، إن أوباما قد صرح في كتابه جرأة الأمل (The Audacity of Hope) أنه سيقف مع المسلمين إن هبت الريح السيئة وهي بذلك تشكك في نوايا أوباما وتقول: ليته ينحني للأمريكان ويهتم بشؤونهم كذلك! وعلى النقيض من ذلك، قامت خبيرة الإتكيت جلوريا ستار بالدفاع عن أوباما بقولها: إن ماقام به يدل على احترامه للملك عبدالله آل سعود المعروف بحكمته وعدله وحبه للخير والسلام في العالم كافة، وذكرت أنها ارتدت هي بدورها الحجاب وأكلت التمر حينما كانت في السعودية من باب احترام الثقافة السعودية. والحقيقة التي نراها ويجدها الغير هي أن الملك عبدالله حفظه الله، رجل كسب احترام الجميع وحبهم على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم بمواقفه الشجاعة والصادقة. وهو فخر للسعوديين والعرب والمسلمين، وإن كان الرئيس الأمريكي مثقف بما فيه الكفاية فإنه يفهم هذا الأمر ويقدره. ولعله أمر يدعو للسرور أن يسلك الأمريكيون هذا السلوك القائم على احترام وتقدير الآخرين، وخصوصًا أن الكثيرين منهم كانوا يتذمرون من الرئيس السابق بوش ويرون أنه يفتقد الذكاء لكي يمثلهم بشرف أمام العالم. ولكن التطرف اليميني المحافظ لن يرى الأمور من زاوية محايدة بقدر مايراها من خلال عتمة لايمكن أن يظهر منها شيء جميل تجاه العرب، وهذا أمر متوقع من طائفة متحيزة تنتهج العنصرية والكره.