حينما يتحول المدافعون عن حرية الرأي إلى مهاجمين لها ، فإن هذه هي أم المصائب . فالنقد يكتبه في الغالب أناس مثقفون يؤمنون بضرورة وجود مناخ صحي يستوعب الرأي والرأي الآخر. ولذلك فإنهم يشتغلون بشكل دائم على رفع هامش حرية التعبير، ويدخلون في صراع شديد مع كل مَنْ يحاول خنق هذا الهامش أو تخفيض سقفه. هذا هو ما يحدث في الغالب ، إلاّ أنه قد يحدث العكس ، فلقد قرأت رداً من مسؤول في النادي الأدبي بالشرقية ، يهاجم فيه بأسلوب غير ثقافي، أحد نقاد الساحة الأدبية لأنه كتب عن سلبيات نشاطات وفعاليات النادي. لقد شعرت بعد قراءتي للرد، باستفزاز شديد، وذلك لأن النادي الأدبي هو جهة حاضنة للثقافة والوعي وحرية التعبير وقبول الرأي والرأي الآخر. واذا كان النادي الأدبي يتعامل مع مَنْ ينتقده بهذا الشكل وبهذه اللغة، فماذا سنقول عنه ؟! ماذا سنقول ايضاً عن رموز الثقافة في بلادنا حينما يتلاسنون على منابر أنديتنا الأدبية ؟! ماذا سنقول عن عضو مستقيل لمجلس إدارة نادي أدبي ، حينما يصف أعضاء مجلس إدارة النادي ( على أعمدة الصحف ) بالجهل؟! ماذا سنقول عن واحد من أهم شعرائنا حينما يصف ( في حوار صحفي ) أمسيات الأندية الأدبية بأنها ذبح للشعراء لأن أحداً لا يحضرها ؟! ماذا سنقول عن إحباط المثقفين جراء التصريحات المهينة التي نشرها عنهم مسؤول كبير في الثقافة ؟! ما سبب الاستقالات المتواصلة لأعضاء أنديتنا الأدبية ؟! لماذا يحدث كل هذا في ساحتنا الثقافية اليوم ؟! علينا اليوم أن نجيب على تلك الأسئلة بهدوء وبأسلوب حضاري ، بعيداً عن الشخصنة والدفاعية ، فأنديتنا الأدبية ليست مرهونة لمزاج موظفين في إدارة حكومية ، بل هي واجهتنا الاولى في حوارنا الجديد مع العالم . و طبعاً ، العالم لا يمكن أن يقبل بثقافتنا بهكذا أوضاع .