من المعروف أن التهاب الكبد الفيروسي من الأمراض المنتشرة في منطقتنا. وكنتيجة حتمية لهذا الالتهاب إذا لم يتم علاجه في مراحله الأولى، حصول تليف في الكبد. ومن آثار هذا التليف صعوبة مرور الدم القادم من الجهاز الهضمي والطحال عن طريق الدورة البابية عبر الكبد إلى الأوردة الكبدية (الدورة الوريدية) ومن ثم إلى القلب. ونتيجة لهذه الصعوبة في عبور الدم من الدورة البابية إلى الدورة الوريدية يحصل هناك ارتفاع في ضغط الدورة البابية مما ينتج عنه فتح تحويلات وريدية طبيعية ليتم عبور الدم من خلالها. وهذه التحويلات تتمثل في دوالي المعدة والمريء والمستقيم ومناطق أخرى من الجهاز الهضمي. ومن المضاعفات الخطيرة لهذه الدوالي، التي ممكن لا قدر الله أن تودي بحياة المريض إذا لم يتم معالجتها، النزيف. ويعتبر ربط أو حقن الدوالي عن طريق منظار الجهاز الهضمي هو الخطوة الأولى في علاج نزيف الدوالي. ولكن في حالة فشل هذه الطريقة في إيقاف النزيف فإن الخطوة التالية والتي سابقاً كانت عبارة عن عملية جراحية كبرى يتم من خلالها تحويل الدورة البابية إلى الدورة الوريدية للجسم دون المرور عن طريق الكبد والتي ينتج عنه خفض في ضغط الدورة البابية ومن ثم في الدوالي. وفي أوائل التسعينيات الميلادية ابتكرت طريقة أخرى يتم من خلالها زرع تحويلة من الاوردة البابية إلى الدورة الوريدية للجسم دون اللجوء إلى الإجراء الجراحي وما يحمله من احتمال مضاعفات. وهذه الطريقة يقوم بإجرائها طبيب الأشعة التداخلية وتتم عن طريق فتحة لا تتجاوز 1 سم عادة في الجهة اليمنى من أعلى الرقبة والتي يتم من خلالها العبور عن طريق الوريد الوداجي إلى احد الاوردة الكبدية ومن ثم، وتحت دلالة الأشعة الوميضية والموجات فوق الصوتية يتم عمل توصيلة بين الوريد الكبدي ومن داخل الكبد إلى الوريد البابي بوضع دعامة (أنبوبة) معدنية وبهذه الطريقة يتم تحويل الدورة البابية مباشرة إلى الدورة الوريدية للجسم دون الحاجة إلى العبور عن طريق أنسجة الكبد وهذا بدوره يؤدي إلى خفض ضغط الدورة البابية ومن ثم الدوالي. وبعد هذا الإجراء والذي عادة ما يتم تحت التخدير العام ويتم وضع المريض تحت الملاحظة في وحدة العناية المركزية لمدة ليلة واحدة. يتم بعدها نقل المريض إلى عنابر المرضى الاعتيادية يتم بعدها خروج المريض من المستشفى خلال يومين او ثلاثة. أما من ناحية المتابعة فعادة ما تتم بواسطة الموجات فوق الصوتية والتي يتم عملها في اليوم التالي لعمل التوصيلة ومن ثم بعد شهر من خروج المريض من المستشفى وبعد ذلك يتم عمل موجات فوق الصوتية كل ثلاثة اشهر. ولالتزام المريض بمواعيد المتابعة أهيمة قصوى حيث أن التوصيلة معرضة للتضيق أو الانسداد انه إذا لم يتم التدخل مبكراً لتوسيع أو إعادة فتح التوصيلة عن طريق القسطرة قد يعرض المريض لنزيف الدوالي او استسقاء البطن مرة أخرى لا قدر الله. ومن الممكن أن تؤدي هذه التوصيلة عملها بشكل فعال مدة طويلة ودون تعرض المريض إلى مضاعفات إذا تم التزامه ببرنامج المتابعة المذكور وأي أدوية أو نظام غذائي يتم وصفه له من قبل الطبيب المعالج، أما بصدد ما يتوقعه المريض بعد إجراء عمل التوصيلة فإن بإمكان المريض ممارسة حياته بشكل طبيعي دون أن يشعر بوجود هذه الدعامة داخل الكبد. كما تجدر الإشارة هنا أن هذا النوع من العمليات المصغرة إذا ما جاز لنا أن نسميها يتم إجراؤها في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث منذ عام 1994م. هذا ونرجو من الله العلي القدير أن يمن على الجميع بالصحة والعافية.