قد يكون من المستحيل إيجاد كبد صناعية وذلك للدور الكبير الذي تقوم به الكبد. فهي المسؤولة عن تصنيع أغلب مايحتاجه الجسم من طاقة ولبنات بناء بروتينية وكاربوهيدراتية ودهنية. وهي المصنع الذي يتم فيه تصنيع الآلاف من المواد الضرورية للحياة كعوامل التخثر وغيرها. وهي أهم عضو يُخلص الجسم من السموم عن طريق تكسيرها أو التسريع بإفرازها. ولها دورها في هضم الغذاء وفي تنشيط كثير من الهرمونات والمركبات المعقدة. كما أنها تحتوي على مواد تحمي من الآثار السامة للأدوية والأغذية. ولهذا اتجهت الأبحاث إلى مايُسمى أجهزة غسيل الكبد في محاولة سد شيء من فراغ كبير، وهي مشابهة لأجهزة غسيل الكلى في الشكل. بدأت تلك الأجهزة منذ أكثر من عشر سنوات في محاولة لعلاج حالات فشل الكبد الخاطف، (الحاد) وبرغم الدراسات المتعددة إلا أنه لم يثبت نفع تلك الأجهزة لمثل تلك الحالات. ولكن الشركات دفعت مئات الملايين على تطوير أجهزتها وكان لابد من مجال آخر يعوض ماصرف على تصنيعها، فبدأ استخدامها في حالات تليف الكبد لمعالجة الإغماءة الكبدية التي تصاحب التليف. ومن هنا بدأ تسويقها على هذا الأساس مع العلم أنها لاتقدم أية مزايا على العلاج المتوفر حاليا برغم كلفة ثمن أجهزة غسيل الكبد. الجدير بالذكر أن حالة الإغماءة الكبدية الناتجة عن التليف تعالج بأدوية بسيطة مثل اللاكتولوز أو المضادات الحيوية ثم يخرج المريض منها مُعافى بعد سويعات من العلاج وهذا ينفي الحاجة إلى جهاز غسيل الكبد. خلال المؤتمر العالمي لأمراض وزراعة الكبد الذي أقيم مؤخرا حرصنا في اللجنة العلمية على أن نفصل في موضوع جهاز غسيل الكبد أو مايسمى (الكبد الصناعية "مارس" MARS)، فدعونا اثنين من خبراء فشل الكبد الحاد أحدهما ممن يروج لمارس والآخر يقول بعدم جدواه. وبعد أن قدم كل منهما حججه العلمية اتضح أن الجهاز ليس له أدنى فائدة في حالات فشل الكبد الحاد. وأن استخدامه في الحالات المزمنة مُختَلف عليه وكانت التوصية أننا نحتاج لمزيد من الدراسات قبل أن نحكم بفائدته. ولأن عنصر التكلفة مهم فقد أردت أن أُحيده، ولهذا طرحت السؤال التالي على البروفيسورات المشاركين في المؤتمر الذين قدموا من أمريكا وكندا وأوروبا وآسيا: لو قدم لك جهاز مارس MARS كتبرع من فاعل خير هل ستستعمله لمعالجة مرضى الكبد في مركزك الطبي؟ الجواب جاء من الجميع بوضوح شديد: لا لن أستخدمه. ثم شدّدت على حقيقة أن الجهاز مجاني. فكان الرد منهم جميعا حتى وإن كان مجانيا فلن نستخدمه. ولا شك أن النقاش العلمي حول جهاز غسيل الكبد أثبت أنه لايُضيف شيئا. ولهذا لم يكن غريبا أن أشد المتحمسين له من المحاضرين لم يورده من ضمن وسائل علاج مضاعفات التليف في محاضرته التي أعقبت النقاش العلمي. كما كان هناك توصية بمزيد من الأبحاث قبل أن يعمم استخدامه في العلاج.