تواطأت عناصر الطبيعة قبل يومين، وتضافرت واتحدت وكونت حالة من الإرهاق، والتعب، والتأزم للإنسان، وأثارت جواً عطل شهيتنا عن ممارسة الابتسام، والفرح «كم هما نادران في الرياض!!» ومنعت عنا حالة الحب التي نداريها في النفوس كما متلبسين بجريمة، وكأنما الحب ممارسة تُخرج الإنسان من فضيلته، وآدميته، وإنسانيته، فيما هو حالة تهذيب للنفس، وتوحد كامل ورائع مع كيمياء الروح، والمشاعر، والعواطف. وهو محفز دائم على أن نكون جيدين رائعين في علائقنا، وتواصلنا، وتهذيبنا لسلوكنا، وطرق تفاصيل حياتنا. ومع أن الرياض تحولت بفعل ذلك التواطؤ والمكر إلى تبلد، وتأزم، وضيق في كل شيء، ومن كل شيء. إلا أن الإنسان ظل متماسكاً، ومتفائلاً، وحالماً بما تعطيه نجد في سخائها من ألق، ووجد، وإلهام، وفرح فائض عن الحاجة أحياناً «ربما قبل أن تشوه حياتها بسلوك الظلاميين!؟» لأن إنسان نجد يقاوم كل أشكال التلوث، وعصي على الإحباطات فهو يمارس الفرح كي لا يهزم الإنسان في داخله. ويعرف جيداً أن «نجد» الصحراء، والإنسان، والفضاءات مكونات أثرت الحياة العاطفية، والإنسانية، والأدبية، والمسلكية بمخزون هائل ورائع وملهم من عذوبة الكلمة، وروعة التواصل، وشفافية الحب ، وقدمت لنا جميلاً وبثينة، والمجنون وليلى، وعروة وعفراء، وكثيّر وعزة، وعشرات من الشعراء الخلاقين الذين علمونا كيف يكون الحب حالة سمو، وحالة إبداع، وحافز خلق، وكيف هو في الأساس فضيلة وجدت عند الإنسان لتهذب مشاعره، وتجعله كائناً شفافاً، عذباً، قادراً على احتواء جمال الكون في تصالح مع نفسه ومع الآخرين رافضاً أن يكون عدوانيا جلفاً، متحجر المشاعر والأحاسيس، متجهماً في كل لحظة، وعند أي حالة بحيث لا يستطيع أن يتعامل مع حالات الفرح ومناسباته بغير ما يتعامل به مع حالات الموت، والمأساة ولهذا فهو في وضع متأزم، ورافض باستمرار. في ثورة الطبيعة في الرياض، لجأتُ إلى الشعر، استدعيت الرائع الجميل علي بن الجهم، البدوي الجلف الذي هذبه الحب، وصاغته تضاريس وتكوينات الجسد، وحولته إلى حالة عذوبة ورقة. قرأته: «خليليّ، ما أحلى الهوى، وأمرّه وأعلمني بالحلو منه، وبالمرّ بما بيننا من حرمة، هل رأيتما أرق من الشكوى، وأقسى من الهجر؟ وأفضح من عين المحب لسره ولاسيما إن أطلقت عبرة تجري وما أنس، لا أنسى ظلوم وقولها لجارتها ما أولع الحب بالحر فقالت : كأنا بالقوافي سوائراً يردن بنا مصراً، ويصدرن عن مصر فقلت أسأتِ الظن بي، لست شاعراً وإن كان أحياناً يجيش به صدري وما أنا ممن سيّر الشعر ذكره ولكن أشعاري يسير بها ذكري» أيها الشعر. ستظل نبضنا، والحب نسغنا..!؟