} التعاطف سمة إنسانية رائعة قل من يتميز بها وهي ببساطة تتدرج من فهم الآخر إلى القدرة على أن تضع نفسك محله وتتبنى مشاعره وأحاسيسه وآلامه . نحن نقول "من يعد العصيّ ليس كمن يأكلها "، في التعاطف لا تكتفي فقط بحساب ألم الآخر أو عد ما يتلقاه من ضربات بل يتعدى الأمر إلى أن تضع نفسك مكان ذلك الشخص. وكما يختلف الناس في كل السمات فإنهم أيضا يختلفون في درجات التعاطف . فعلى سبيل المثال نجد أن السيكوباتيين الفئة التي يتمثل سلوكها بالسلوك المضاد للمجتمع تفقد التعاطف مع الآخر بدرجة كبيرة ؛ لذلك إن شعروا بالحزن لارتكابهم جريمة ما فإن سبب حزنهم يكون لأنهم اكتُشفوا وعٌرف أنهم هم من مارس السلوك الإجرامي وليس بسبب ما سببوه من ألم للضحية! والتعاطف ليس عملية عشوائية . بل عملية لها أصولها وقوانينها وبالتالي نلاحظ مدى النجاح الإجتماعي الذي يحققه الفرد الذي يتمتع بسمة التعاطف . بل إن التعاطف له ارتباط قوي بالذكاء الاجتماعي كمهارة يتمتع بها اولئك الأفراد الناجحون في حياتهم العلمية والعملية. والتعاطف هو عملية خاضعة لعملية التنشئة الاجتماعية من قبل الوالدين مثلها مثل السلوكيات الأخرى التي نتعلمها من البيئة الأولى للطفل وهي الأسرة . يقول الدكتور هايكو إيرنست " إن التعبير عن المشاعر في السنوات الأولى من حياة الطفل له أهمية كبيرة في نمو التعاطف ؛ فالطفل يكتشف مشاعره عبر مرآة والديه حتى يبني عالم المشاعر الخاص به .. إن مشاعر الطفل بصفة خاصة والإنسان بصفة عامة في حاجة إلى محك توكيدي يؤكد له ان ما يشعر به من مشاعر هي فعلاً مشاعر صادقة وان الآخرين يوافقون عليها. فجميل جداً أن يضحك الآخرون معنا عندما نضحك ، وأن يبكوا عندما نبكي . وإذا لم يحصل الطفل على هذا الشكل الأولي للتعاطف فإنه يحصل على صورة مشوهة لعالمه الداخلي ولذاته ولكن في حالة استجابة الوالدين له وتعاطفهم فإنه يشعر بالقبول وينظر لانفعالاته وطريقة التعبير عنها بأنها مقبولة ومبررة ومشروعة. وقد تدهشون إذا ما عرفتم ان نسبة كبيرة ممن يمارسون الإساءة تجاه زوجاتهم من الأزواج قد حرموا من عملية التنشئة الاجتماعية السابقة الذكر والتي تنمي التعاطف وتهذب المشاعر الإنسانية، وصدقت إلهام منصور حين قالت " ربما احتجت لتجارب عدة حتى أكتشف أن التفهم لمشاعر الآخرين والتعاطف معهم ، أفضل من مشاعر الحب تجاههم ".