وما زلت في ماليزيا وفي تأسيس حركة "مساواة" في الأسرة ضرورية وممكنة في العالم الإسلامي، وهذا موقعها الذي سقط الأسبوع الماضي: www.musawah.org. لم يكن اجتماعاً تقليدياً لمؤتمر تأسيسي لشعارات وأحلام، بل كانت خمسة أيام عمل تقدم خلاصة جهد عامين من التحضير النظري والفكري والبحثي والتنظيمي لأهداف الحركة اجتمعت عليها اثنتا عشرة من المؤسسات من إحدى عشرة دولة، وتبلورت بعد سلسلة من الاجتماعات والمناقشات التي عقدت بين علماء وأكاديميين ونشطاء وقانونيين من الجنسين، كانت الكاتبة إحداهن، من حوالي ثلاثين بلداً. وخلال هذا الأسبوع أمضت من تسع وأربعين دولة مائتان وخمسون امرأة وعدد بسيط من الرجال من المؤمنين بقضية العدل والمساواة، وعدد من الشابات اللاتي كانت لهن جلساتهن الخاصة للتداول في هذه القضية أيضاً، زمناً في التحاور والتعرف على أهداف الحركة والتفاعل معها والتفكير في كيفية تبنيها والاستفادة من طروحاتها وحججها الفقهية التي وفرتها الحركة على شكل كتب وأبحاث في لغات خمس هي العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الفارسية وباهاسا الملاوية، أتقنت منظمة أخوات في الإسلام في إعداد كل تفاصيلها. وقد كانت المهمة صعبة نظراً للتباين الكبير في الآراء والاتجاهات التي تنتمي إليها المشاركات من ناحية، ومن ناحية أخرى كانت صعبة شخصياً للصعوبات الصحية التي مرت بها ابنتي زين الشرف خلال الأربعة أيام الأولى من الاجتماع مما كان مؤرقاً لنا الاثنتين. ونظراً لكثرة ما أراه مهماً فيما جرى في هذه التداولات وضيق المقام، فأشير سريعاً إلى عدد من النقاط بعجالة: كانت من الأوراق التي طرحت كثيراً من النقاش للبروفسور محمد خالد مسعود الذي دلل على أن الفقه مبتنى اجتماعي وليس نصاً مقدساً. أثارت ورقة د. زيبا مير حسيني التساؤلات من عدد من النسويات بهوية النساء القائمات على هذه الحركة ودافعت زيبا عن هوية "النسوية المسلمة"، التي منطلقها هو الإسلام . وهن يحاولن أن يجبن عن الأسئلة التي لم تتمكن النسويات العلمانيات من الإجابة عليها طيلة العقود الماضية. من أمتع وأهم الجلسات كانت تبادل خبرات النساء من أديان أخرى حيث كان فيها راهبة بوذية وناشطة كاثوليكية وهندوسية وعلمانية يهودية. التشابه كان كبيرا بين خبراتهن وخبراتنا. القضايا لا حصر لها لكن المشتركات كانت كبيرة، مسلمات من بلاد إسلامية أو مسلمات ضمن أقليات مسلمة في الغرب وفي الشرق، من أوزبكستان إلى قيرغيزيا إلى نيبال وفيجي، إلى سريلانكا وجنوب إفريقيا. يقول ابن القيم: "إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، وصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل".