كشفت دراسة ميدانية أعدها الدكتور جون اسفكياناكيس، كبير الاقتصاديين في البنك السعودي البريطاني (ساب)، بأن معظم الشركات السعودية تتوقع نمواً عاماً في العائدات والأعمال وانخفاض أسعار العقارات خلال الربعين القادمين مع توجه الشركات إلى تسريح بعض العمالة الوافدة، دون المساس بالكوادر الوطنية حتى الآن، وانخفاض معدلات إقراض البنوك. معدلات النمو: بالرغم من أن المملكة لا تعيش في جزيرة معزولة، فمن الطبيعي أن تتأثر بالركود الاقتصادي الذي خيم على العالم في الآونة الأخيرة، غير أن الاقتصاد السعودي يسير بخطى جيدة على طريق النمو، نظراً لأن المملكة تتمتع بخصائص متميزة مثل التوزيع السكاني والطلب المحلي والموقع الجغرافي وعدم وجود فقاعة عقارية، إلى جانب انخفاض حجم الديون الحكومية في السوق المحلي وزيادة الأصول الأجنبية بدلاًً من تلاشيها. كما أن السياسة المالية للمملكة تستند إلى أسلوب متميز من حيث الإنفاق فلا يوجد بنداً لعجز الميزانية، وهذا على النقيض من اقتصادات الولاياتالمتحدة وكثير من دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد على الاستدانة لسد العجز في الميدانية، ولكن ديون المملكة ضئيلة للغاية وتقوم سياسة الإنفاق في السعودية على إعادة توزيع الأرباح والمبالغ الطائلة التي تم جنيها خلال الطفرة النفطية الثالثة. وتؤكد الدراسة أن حوالي 42 في المائة من الشركات المشاركة في الدراسة تتوقع أن تحقق نمواً خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2009. وبلغت نسبة الشركات التي تتوقع ارتفاع قدراتها الإنتاجية خلال الفترة ذاتها نحو 24 في المائة، في حين لا يتوقع أي من المشاركين انخفاض القدرة الإنتاجية لشركته، مقابل 58 في المائة يتوقعون ثبات القدرة الإنتاجية عند المعدلات الحالية. واللافت للانتباه أن الشركات المشاركة في الدراسة أجمعت على أن الاقتصاد السعودي لن يمر بمرحلة هبوط حاد، فيما بلغت نسبة الشركات التي تؤيد ثبات وتيرة النمو عند المرحلة الحالية حوالي 35 في المائة. أما بالنسبة لأسعار النفط فقد توقع معظم المشاركين في الدراسة ثبات الأسعار عند معدلاتها الحالية، فيما يرى حوالي 28 في المائة أن الأسعار في طريقها إلى الارتفاع. وركزت الدراسة على العنصر النفسي ومستويات الطلب التي كانت وراء انخفاض الأسعار، حيث يحجم المستهلكون في الوقت الحالي عن الشراء نتيجة التوقعات بمزيد من الانخفاض في أسعار السلع والمنتجات وعلى رأسها السيارات والأجهزة المنزلية والإلكترونية، ولا يتوقع كثير من المشاركين في الدراسة إعادة تقييم الريال السعودي خلال الفترة القادمة، بينما يجدون في تطبيق العملة الخليجية الموحدة بصيص أمل للخروج من هذه الأزمة. وتشير المؤشرات إلى حدوث تحول هيكلي في سوق العقارات الأمر الذي سيسهم في خفض أسعار الإيجارات وتصحيح عام في أسعار سوق العقارات، كما تعتقد أن التحولات التي تشهدها أسواق المنطقة ستؤثر على العقارات في المملكة، لذا فمن المتوقع أن تنخفض أسعار العقارات خلال عام 2009. وتؤكد الدراسة أن أسواق القوى العاملة لم تعد تعاني من نقص في العمالة الماهرة، وبصورة عامة يرى أصحاب الشركات تحسناً في ظروف العمالة، إذ يرى 77 في المائة (مقابل 41 في المائة و22 في المائة في الربعين الثالث والرابع على التوالي) أن لدى شركاتهم عمالة كافية، وبالنسبة لسياسات الإقراض التي تتبعها المملكة، ترجح الدراسة استنادا إلى آراء المشاركين أن سياسات الإقراض ستكون إيجابية ولن تتسم بالصرامة الشديدة. وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي خفضت من سعر الفائدة خمس مرات منذ شهر أكتوبر، الأمر الذي أدى إلى تقليل سعر الفائدة بين البنوك إلى أكثر من الثلثين، وأكدت الدراسة أن المستثمرين يميلون إلى توخي الحيطة والحذر في الوقت الراهن، لذا فقد عمدوا إلى تكثيف استثماراتهم في قطاع الودائع والنقد.