حسب قوانين الاحتمالات فإن تلف أحد كوابل الألياف البصرية التي تحمل الإنترنت بطريق الخطأ مرة واحدة في غضون عام واحد يمكن أن يصدق، إنما تلف 5 منها في غضون بضعة أيام فقط وجميع الخطوط التي تلفت تقريبا كانت في دول الشرق الأوسط ما ترك المنطقة غارقة في ظلام إعلامي هو أمر لا يمكن أن يكون مجرد مصادفة. الاحتمالات القوية تشير إلى أنه لا يوجد من تبرير منطقي سوى أنه عمل تخريبي متعمد ، وخصوصا عندما يكتشف المرء أن (إسرائيل) والعراق من قبل أمريكا هما الدولتان الوحيدتان اللتان لم تتأثرا بهذا العطب. 5 من كوابل الانترنت الغارقة تحت أعماق قاع المحيط قيل إنها تلفت دون قصد من قبل السفن، والدول التي تخدمها هذه الكوابل جميعها في الشرق الأوسط حيث توفر هذه الكوابل 90 ٪ من خدمات الإنترنت في المنطقة ، والبلدان المتضررة من هذا العطب هي مصر والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية وباكستان وإيران. هل يمكن اعتبار هذا الحدث أمراً عارضاً؟ أم هو عمل تخريبي يستهدف اسقاط المنطقة اقتصادياً والعبث بمقدراتها بعد أن بدأت تنهض وتتداول أموالها ومعاملاتها وصفقاتها عبر الانترنت وتتحرر من عبودية التبعية الاقتصادية. هذه الخطوط خارجة من جنوب أوروبا وممتدة من خلال شمال إفريقيا ومتجهة شرقاً من خلال قناة السويس ومتجهة باتجاه الهند. يعتبر هذا الخط من الاتصالات هو عصب التجارة والتقنيات الحيوية لهذه الدول وخصوصاً الدول الخليجية حيث يتوقف كل شيء في هذا العالم على الانترنت ابتداء من السياسة وانتهاء بالأسواق المالية ما يعني أن أي اضطراب في هذه الاتصالات سيؤدي إلى آثار مدمرة سريعة المفعول. في جميع وسائل الإعلام التي نقلت الخبر كان هناك تلميح أن السبب قد يكون مرساة سفينة قامت بتحطيم خط الألياف الناقلة للانترنت. إلا أنه صدر بيان من مصر بعد الحادثة بقليل مرفق بتصوير فيديو وتسجيل دقيق للمنطقة يوضح أنه لم يكن هناك في المنطقة المذكورة التي حصل فيها قطع الكوابل أي حركة أو نشاطات لسفن خلال 12 ساعة التي سبقت قطعها، إضافة إلى تأكيد أن تلك المنطقة بالذات مغلقة ويمنع فيها مرور السفن لحماية هذه الخطوط خصيصاً. لكن الغريب في الأمر أنه لا توجد في أي من تلك التغطيات حول تلف الكوابل تلميح كالعادة في الصحافة الغربية أو اتهام بأن سبب التلف مؤامرة من قبل "الإسلاميين" أو من قبل تنظيم القاعدة الإرهابي. حتى الكتّاب الأميركيون تندروا بهذا الموقف وقال بعضهم في نشرة "أمريكان فري بريس" أنهم عادة يلقون باللائمة على الإسلاميين في كل شيء ابتداء من الاحتباس الحراري وانتهاء بأمراض اللثة وروائح الفم الكريهة، فلماذا لم يتهموهم هذه المرة أيضا؟. أدى تلف الكوابل إلى تعطيل وصول الأخبار والمعلومات، وخطوط الهواتف والاتصال، لكن التأثير الأكبر كان على الأسواق المالية والاقتصاد الذي أدى إلى خسارة الخليج ما يقارب 70 % من تداولاته المالية، وخصوصاً أن إصلاح العطل تأجل حتى الأسبوع الثاني من شهر فبراير لأن السفن التي تعمل على إصلاح العطل تستغرق أياماً لتصل إلى منطقة العطل. وقال مارك غلين مراسل صحيفة الصحافة الحرة الأمريكية " كالعادة، وكأن في الأمر سحرا صادف أن (إسرائيل) والعراق لم يتأثرا من هذا العطل بينما كانت بقية دول المنطقة تتسابق فيما بينها في محاولة إعادة تشغيل الخط وإعادة الحرارة اليه وهذا أمر مثير للريبة والشك". يقول مارك غلين: إن هناك سبباّ وجيهاّ للشك في الأمر وأن هناك مؤامرة. فإلى جانب أن الخمسة كوابل المقطوعة تلفت في غضون بضعة أيام فقط، هناك أسباب استراتيجية " للأطراف المعنية" إلى أن تسعى لمثل هذا التخريب. فأكثر البلدان تضرراً هي الجهات الفاعلة الرئيسية في الوقت الراهن في منطقة الشرق الأوسط، حيث الولاياتالمتحدة و(اسرائيل)غارقتان إلى أحداقهما في عمليات الغش. وكان الرئيس السابق جورج بوش زار منطقة الخليج مؤخراً محاولاً دون جدوى حشد دعم من قبل جميع الدول للضعط على إيران التي تحدته ، إلا أنه خرج من المنطقة خالي الوفاض. بالإضافة إلى أنه عندما طلبت الولاياتالمتحدة من دول الخليج مؤخراً زيادة انتاج النفط من أجل تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية في أمريكا، رفضت طلبه دول منظمة الأوبك المصدرة للنفط والتي بالمصادفة " تضررت من قطع الكوابل" في منطقة الخليج. باختصار شديد يرى كثير من المراقبين أن تعمد قطع الكوابل يعتبر ضربة من خلال التحالف الأمريكي - الإسرائيلي لضرب اقتصاد الخليج. ويراه المحللون على أنه شكل من أشكال الحرب غير المكشوفة لزعزعة اقتصاد الخليج ولإحداث نوع من القلق لدى هذه الدول إلى درجة أن تقبل باللعب مع أمريكا حسب القوانين التي تضعها للعبة، ولتذكيرها بأنها إن لم تلعب حسب قوانينها وحسب مقتضيات النظام العالمي الجديد الذي تضعه فإنه يمكن " للحوادث غير المقصودة" أن تحدث.