في غرة الأسبوع الماضي سلمت بلدية القدس بحضور رئيس وزراء إسرائيل، جائزة القدس لحرية الفرد في المجتمع للكاتب والروائي الياباني هاروكي موراكامي، على الرغم من أن بعض المنظمات الأدبية والحقوقية في اليابان نبهت موراكامي على خطأ قبوله تسلم الجائزة في حال فعل ذلك، وهو ما فعله موراكامي مبرراً قوله "أنا مثل جميع كتاب الخيال أفعل عكس ما يقال لي" لكنه لم ينفِ توقعاته بالمقاطعة ممن لم أو لن يستوعب حقيقة فعله!. موراكامي ليس أول من قبل الجائزة كروائي، فقد سبقه التشيكي ميلان كونديرا في منتصف تسعينات القرن الماضي، والبيروفي ماريو بارغاس يوسا في بداية الألفية الجديدة، واستمرت دور النشر العربية التي أزعجتنا دهراً بالقومية، في ترجمة رواياتهم رغم ذلك، فما الذي تغير منذ ذلك الوقت وحتى اليوم الذي يبدي فيه موراكامي تخوفاً من القطيعة بسبب فعل سبق حدوثه من غيره؟، والجواب بنظري يكمن في السطوة التي بات يمتلكها إعلام اليوم، مقروناً بها التطور الهائل في مجال التقنية وشبكات الإنترنت، والكثيرون يتفقون على أن تفاعل العالم من أطرافه المختلفة ثقافياً وعقدياً، فيما جنته أيدي الصهاينة في غزة، لم يسبق له مثيل مع المجازر الإسرائيلية التي سبقت في فلسطين ولبنان، تلك المظاهرات الحاشدة في آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، صفحات التفاعل الاجتماعية الاليكترونية مثل الفايسبوك وغيره، تبرعات الإغاثة المالية والعينية من مناطق شتى، تحرك العديد من المنظمات الحقوقية في العالم لتقديم السياسيين الإسرائيليين إلى المحاكم الدولية كمجرمي حرب، كل هذا وأكثر في ظاهرة لا بد أن تلفت نظر الصادقين حول العالم، بعدالة القضية الفلسطينية وحقيقة الإسرائيليين التي طالما حاولوا خداع العالم بالتلاعب في معطياتها. موراكامي ليس غافلاً عن حقيقة ما سبق، والقطيعة التي يتحدث عنها فيما أظن هي انحسار شعبيته في بلده الأم والذي استحق في رواياته عنه أن يحصل على جائزة حرية الفرد فيه، لكن العالم المستيقظ اليوم إعلامياً قد يترك كافكا وحيداً على الشاطئ!.