1- للأحكام مقاصدها: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: خلق الله عباده لعبادته وشرع لهم من الدين ما تتحقق به العبادة الخالصة وجعل لكل شرع حكمة وغاية. والمتتبع لأحكام ومبادئ ديننا الإسلامي يرى التعليل والمقصد الشرعي في كل أمر ونهي ووعد ووعيد وترغيب وترهيب.. في كل أمر على سبيل الوجوب أو الاستحباب وفي كل نهي على سبيل التحريم أو الكراهية. فديننا دين عقل وبصيرة وصلاح وإصلاح وحضارة ذات معان سامية تعنى بعلاقة العبد بربه في مجال القول والاعتقاد والعمل، وبعلاقة الإنسان بمجتمعه في جميع شؤون الحياة ومع مختلف شرائح المجتمع ومستويات مقامه فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. أقول قولي هذا تمهيداً للحديث مع معالي حبيبنا وشيخنا الشيخ صالح الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي حول النداءين لصلاة الجمعة وأن وقت أدائهما متقارب جداً حيث ان الفارق الزمني بينهما لا يتجاوز الخمس دقائق والغالب انه دون ذلك. ومعالي شيخنا يعلم علم يقين أن الحكمة الشرعية من النداء الأول هو الإعلام بقرب دخول وقت صلاة الجمعة. وأن النداء الثاني إعلام بدخول وقت صلاة الجمعة ولاشك ان الحكمة الشرعية من مشروعية النداء الأول هي تنبيه من كان منشغلاً بعمل ما من تجارة أو صناعة أو زراعة أو استراحة أن وقت صلاة الجمعة قد شارف على الدخول فيكون النداء الأول تنبيهاً له بذلك ليستعد لتهيئة نفسه للذهاب إلى الجمعة وهذا يحتاج منه إلى وقت يكفي لتهيئة نفسه لذلك ومما لا ينازع فيه اثنان أن خمس دقائق أو دون ذلك لا يمكن أن تكفي لذلك. وقد سبق أن عرض هذا الموضوع على مجلس هيئة كبار العلماء في إحدى دورات انعقاده وكان من الحاضرين هذه الدورة صاحبا السماحة الشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن باز وكان من الحاضرين الشيخ عبدالعزيز بن صالح إمام وخطيب المسجد النبوي والشيخ سليمان بن عبيد الرئيس السابق لشؤون الحرمين وأصدر المجلس توصية إلى الشيخين عبدالعزيز وسليمان بضرورة العمل على إيجاد فترة زمنية بين النداء الأول والنداء الثاني لا تقل عن نصف ساعة ليكون للنداء الأول مقصده الشرعي فأبديا الاستجابة لذلك. ولكن لم يفعلا سامحهما الله ورحمهما ولعل في عدم تنفيذهما ذلك نعمة من الله لعبده الصالح صالح الحصين ليظفر بالأجر فيقوم بالتنفيذ ويضاف إلى أعماله في الحرمين كما أضيف إلى سماحة شيخنا الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله مجموعة إصلاحات من أهمها ما يلي: 1- منع تعدد الأذان من المؤذنين في الحرمين لكل وقت صلاة.. والاكتفاء بمؤذن واحد وفقاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. 2- منع أداء وترين في التراويح والتهجد والأخذ بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا وتران في ليلة) وقوله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا) والاكتفاء بوتر واحد آخر التهجد. 3- الاقتصار في صلاة الجنازة على تسليمة واحدة عن اليمين كما ثبتت بذلك السنة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم. 4- منع التكبير الجماعي قبيل صلاة العيد. وتمت الاستجابة لهذه التوجيهات من سماحته ولم يترتب على ذلك آثار سلبية من اعتراض أو استنكار أو شكاية وقد أضيفت هذه العزمات الإصلاحية المباركة إلى اصلاحات سماحته زمن رئاسته شؤون الحرمين وإلى ميزان حسنات سماحته ان شاء الله فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. وأعان الله شيخنا وحبيبنا الشيخ صالح على اتخاذ قرار إداري حازم في الأمر بإيجاد فارق زمني كاف بين النداء الأول والنداء الثاني. إلا أن يكون لدى معاليه مستند شرعي في صحة الوضع الحالي غير القول بأننا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون. فمعاليه من أساتذتي حيث كان أستاذاً في المعهد العالي للقضاء وكنت أحد طلاب المعهد. وحينما كتبت ما كتبت كنت واثقاً أن معاليه يدرك حقيقة ما ذكرت وأن الحكمة من التشريع يجب أن تكون مرتبطة بالمقصد الشرعي فالحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً وأعرف أن لمعاليه مكانة متميزة عند حبيبنا وقائدنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أدام الله عزه وتمكينه فمعالي الشيخ صالح حينما يرى أن الأمر يحتاج استئذانا من ولي الأمر فباب جلالته أمام الشيخ مفتوح بأوسع مصاريعه. حفظ الله الجميع والله المستعان. 2- خطوات نحو تثبيت سوق الأسهم: الواقع أن سوق الأسهم السعودية يتأثر ارتفاعاً وانخفاضاً بتأثر سوق الأسهم الدولية من غير أن تكون للأسهم السعودية مؤثرات تنتجها المراكز المالية للشركات السعودية وإنما الدافع لذلك التقليد والتمثل بالمثل الشعبي "أصقه كلاب أينما توجهوا توجه" وإلا فشركاتنا لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية التأثر الذي يبرر لأسواق الأسهم عندنا مجاراة الأسواق الدولية في الانخفاض فشركاتنا في أوضاع مالية وإنتاجية تقتضي استقرار السوق وعلى أي حال فأرى أن من أسباب ثبات السوق مايلي: أولاً: تقرير نسبة انخفاض سعر سهم كل شركة بثلاثة في المائة مثلا كل يوم تداول على أن تكون النسبة المختارة مبنية على النظر بين الإيجاب والسلب. مع مراجعة هذه النسبة كلما اقتضى الأمر. ثانيا: إلغاء نسبة الارتفاع بصفة مؤقتة حيث إن الأسهم قد وصل سعر سوقها إلى أدنى مستوى وقد زال محذور ارتفاعها عن المستويات الفاحشة. ثالثاً: السماح للشركات بشراء أسهمها في السوق لتضيفها إلى أصول موجوداتها وليكون مشتراها من أسهمها منشطا لسوق أسهمها. ولا يظهر لي أي سلبية في ذلك. وفي حال الموافقة على الأخذ بهذا العامل من عوامل تنشيط سوق الأسهم فأرى اقتصار كل شركة على السماح لها بشراء أسهمها فقط لئلا يطغى تداول الشركات في شراء الأسهم على الإنتاج. رابعاً: الإسراع في إيجاد صندوق التوازن وأن يكون رأسماله بحجم يتمكن فيه من السيطرة على السوق وحفظ توازنه من حيث الارتفاع والانخفاض. والغالب الأغلب أن هذا الصندوق فضلا عن أنه سيكون مرفقاً اقتصادياً محققاً التحوط لحماية رؤوس أموال الاستثمار في السوق المحلي إلا أنه سيكون مجال استثمار شرعي قد يصل عائده - في حال إدارته إدارة حكيمة أمينة واعية - إلى عشرة في المائة في السنة والغالب أنه يزيد. ونظراً إلى أن الوضع الاقتصادي في بلادنا في وضع محوط بالثقة والاطمئنان فلا خوف على صندوق التوازن. والله المستعان. 3- اللهم أعط منفقاً خلفاً: معلوم لدى الخاص والعام أن حكومتنا الرشيدة بقيادة مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين تقوم بأعلى مستوى إنساني في إغاثة المنكوبين من غير تفريق في الإغاثة بين مسلم وغيره وإن كان للمسلمين والحمد لله مزيد رعاية وعناية واهتمام وتفضيل ومن ذلك اخواننا المعتدى عليهم من قبل إخوان القردة والخنازير فلقد قامت حكومتنا بأعمال إسعافية وإنقاذية وإغاثية وصحية لاخواننا في فلسطين كما سارع المواطنون والمقيمون في بلادنا إلى الاقتداء بولاتنا في سبيل الدعم والوقوف معهم مادياً ومعنوياً. أقول قولي هذا معلقا به على ما أعلنته الجهة المختصة في بلادنا أنها حصلت على اكتشاف خمسة حقول بترول وثلاثة حقول غاز. ولاشك أن هذا استجابة لدعوة الملك: اللهم أعط كل منفق خلفا وكل ممسك تلفا. جعل الله العمل خالصا لرب العالمين ومتعنا بطول عمر حبيبنا وقائدنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعزه الله بالإسلام وأعز به الإسلام والمسلمين. 4- يجيك من العوجاء رمية: يذكر أن هتلر قال: لقد كنت قادراً على إعدام اليهود قاطبة من جميع أوروبا وروسيا ولكني أبقيت من أبقيت منهم ليعذرني العالم على ما فعلت وليرى منهم وفيهم ما رأيت. اه ومعذرة العالم له مؤكدة ما قاله عن اليهود من خبث ومكر وفساد وإفساد واستعلاء على البشر بقولهم: ليس علينا في الأميين سبيل. وأصدق من ذلك ما جاء عنهم في كتاب الله من نقضهم المواثيق وقتلهم أنبياء الله وأكلهم أموال الناس بالباطل وانهم لا يتناهون عن منكر فعلوه فعليهم من الله ما هم أهله وما الله به منهم عليهم. والله حسبنا ونعم الوكيل. 5- هل المظاهرات تعبير فاعل: سألني أحد الاخوة عن سبب منع السعودية المظاهرات السلمية ولا سيما فيما يتعلق بإظهار الشعور نحو الاعتداءات الصهيونية على اخواننا الفلسطينيين وما حل بهم من أضرار في أنفسهم وأموالهم وديارهم نتيجة الاعتداءات البربرية من الصهاينة. فأجبت بأن المظاهرات لا يتجاوز مفعولها الصراخ والعويل وتعريض الأمن للاختلال والفوضى. ولا شك ان الصراخ والعويل سلاح النساء وهو سلاح العاجز. وبلادنا السعودية حفظها الله - ملكاً وحكومة وشعباً - قد قامت بما تستطيعه من الواجب عليها فمن الجانب السياسي فالاتصالات من وبمليكنا المفدى مباشرة وعن طريق وسائل الاتصال متتابعة ومستمرة في سبيل العمل على إيقاف الاعتداء ووزير خارجية حكومتنا سمو الأمير سعود الفيصل ألقى في أعلى منبر دولي كلمة وصفت بأنها أقوى احتجاج وأجرأه فوق ذلك المنبر وقد كان له أثر كبير في الاستجابة الدولية لإصدار قرار بإدانة الاعتداء وإيقافه. ومن الجوانب الأخرى فالمساعدات المالية والغذائية والدوائية والإسعافات الطبية وتلقي الجرحى في مستشفيات المملكة أمر يشهد به القاصي والداني وإجماع أئمة المساجد في المملكة على الدعاء في أدبار الصلوات أمر معروف للجميع.. هذه هي المشاعر الصادقة الفاعلة الفعالة. فأين المقارنة بين هذا والصراخ؟ أقول هذا لا على سبيل الامتنان على اخواننا الفلسطينيين فهذا بعض الواجب علينا ونتمنى أن الفرصة متاحة للاشتراك معهم في ميادين المقاومة والله من وراء القصد. 6- تعجيل الزكاة: سألني أحد الاخوان هل يجوز صرف الزكاة لاخواننا الفلسطينيين بصرفها ضمن تجميع التبرعات لهم وهل يجوز تعجيل الزكاة قبل حلول الحول عليها. فأجبت بأن صرف الزكاة على مستحقيها من أهل فلسطين جائز فهم يجمعون بين صفة الفقر والمسكنة والجهاد في سبيل الله حماية لأعراضهم وأموالهم ودمائهم وديارهم. كما ان مناسبة الاعتداء عليهم ومحاصرتهم محاصرة اقتصادية، والعبث بأمنهم واستقرارهم كل ذلك مبرر للفتوى بجواز تعجيل الزكاة لهم على حساب الواجب منها عند حلول حولها. ولعل في تعجيلها لسد حاجة المسلمين من أهل فلسطين مضاعفة لثوابها فمن نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه والله المستعان.