رحل منصور الرحباني رحل مشعل الثقافة والفن والأدب. رحل صاحب التعابير الأخاذة رحل أبو مروان. رحل وهو يحمل همَّ الأمة ويمسرح تاريخها في معالجة مؤثرة للواقع المؤلم. وداعا أيها العلامة الفارقة في الفن والثقافة العربية. فقد تعلمت منك كثيرا برغم أني قابلتك قليلا. استمتعت كغيري بما قدمه لنا منصور الرحباني من أعمال شعرية وموسيقية ومسرحية تتناول الشأن العربي والإنساني والتاريخي. ومنصور ليس فقط مبدعا بل كان شامخا كشجرة أرز، وكريما كينبوع ماء. متواضعا كأب حان، مستمعا كطالب علم. غالب المرض واستطاع أن يكمل أعماله المسرحية رغم اعتلال صحته. ولأن الإبداع في جيناته فقد ترك لنا ثروة عربية في الإبداع المسرحي والتأليف الموسيقي تضاف إلى ماقدمه مع أخيه عاصي. الثروة هي أبناء منصور الرحباني: مروان، وغَدي، وأسامه. يكفي أن تشاهد إبداع المسرح: "ملوك الطوائف" "المتنبي" "حكم الرعيان" وغيرها لتدرك أن روعة ماكتبه منصور يتناغم مع إبداعات غَدي، وأسامة بينما يقوم المبدع مروان الرحباني بإخراج تلك الأعمال بطريقة اختص بها في المسرح تتجاوز ماحققه المسرح العربي في تاريخه الطويل. إن أبناء منصور هم العزاء لنا من بعد غيابه وإن كان يصعب ملء الفراغ الذي تركه في قلوبنا وفي ساحتنا الثقافية.