لأول مرة في تاريخ سوريا التي عرف عنها قلة الكلام يخرج معظم مسؤوليها على شاشات التلفزة ليوضحوا وليأكدوا وليبرهنوا ... بأن سوريا بريئة من دم رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق، ومع ذلك لم تجد هذه التأكيدات والنداءات آذانا صاغية لدى المعارضة اللبنانية التي على ما يبدو عقدت العزم والنية على استغلال الحدث وتسيسه لتحقيق مصالح انتخابية أو مآرب لم تكن لتتحقق لولا اغتيال الحريري ومن هنا يرى الكثير من المحللين السوريين أن مجرد استغلال المعارضة لهذا الحدث واتهام سوريا هو دليل براءة لأن سوريا ليست بالغباء لافتعال مثل هذه العملية النكراء فهي تدرك بأنها في قلب الزوبعة وأن مستهدفة من قبل الكثيرين سواء المعارضة في لبنان أو أمريكا أو حتى فرنسا و اشار هؤلاء بأنه لو افترضنا بأن سوريا ارادت قتل الحريري لفعلت بطرق مختلفة فكلنا نسمع عن السم الذي لا يمكن كشفه وكلنا يسمع عن حوادث السير وكلنا يسمع عن الخيانة ...الخ لكننا لم نسمع عن تفجير سيارة مفخخة برئيس حكومة سابق على مرأى من العالم أجمع في وقت لا تحسد عليه سوريا ... وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي محمد خير جمالي ان اغتيال الحريري من صنع قوى لا تريد الخير للبنان ولا تطلب الأمن والهدوء والاستقرار لوضعه ولا تريد له أن يكون على علاقة متينة مستقرة متميزة مع الشقيقة سوريا أو أن يكون بلدا فاعلا في محيطه العربي. وذكر جمالي بما بذلته سوريا من تضحيات من أجل الوحدة الوطنية اللبنانية وقال على الشعب اللبناني أخذ الحيطة والحذر من فصول جدية من مؤامرة ضرب استقرار لبنان وانجازاته الوطنية . من جهته أكد المحلل السياسي معن عامر المختص في الشأن اللبناني بأنه ليس من مصلحة سوريا اغتيال الحريري الذي يملك علاقات طيبة مع المملكة العربية السعودية ومن المعروف أن دمشق تعتبر السعودية بعدا استراتيجيا لها وبالتالي من المستحيل خرق هذا البعد في وقت هي في اشد الحاجة له، وأشار أن المعارضة اللبنانية حاولت استغلال حتى الذين شاركوا في تشييع الحريري واعتبرتهم بمثابة بارومتر على رغبة اللبنانيين في خروج سوريا متجاهلة أن الذين شاركوا لم يكن لديهم أهداف سياسية بل حبهم للراحل المعروف عنه الحب والكرم ومساعدة المحتاج . وشدد عامر بأن اغتيال الحريري عملية إسرائيلية من ألفها إلى يائها فهي المستفيدة من تداعياتها كونها إزاحة النظر عن تصرفاتها في الأراضي المحتلة ونوه إلى أن التفجيرات التي حدثت في سوريا والتي استهدفت بعض كوادر حركة حماس أيضا سارعت «إسرائيل» إلى اتهام سوريا بها كما جرى مع اغتيال الحريري. وتساءل عامر كيف ينسى المعارضون آخر كلمات نطق بها الحريري والتي أكد فيها «إن لبنان لايمكن أن يستمر من دون عيش مشترك ووفاق وطني داخلي ومع سورية الشقيقة, فسورية ساعدت لبنان، وكثيرون من اللبنانيين ساعدوا سورية, ووقفوا إلى جانبها، ونحن منهم» كيف ينسون هذه العبارات ويبدلونها بمرادفات تحمل التأويل وتنال من سوريا في الصميم. بدوره أكد أحمد هدال محلل سياسي أن الذي يزيد في تأجيج عدد من اللبنانيين ضد سوريا بعض القنوات العربية التي لا تتوانى على إظهار بعض اللبنانيين بصورة ثكلى وحزينة وهي تكيل الاتهامات ضد سوريا ومن المعروف أن الشارع العربي عاطفي ، ثم تعتمد عددا من المحللين السياسيين المناهضين لسوريا والذين لا يتوانون على تسيس أي صورة فإذا انحنى الرئيس الفرنسي أمام نعش الراحل الحريري فيعتبره تأكيدا منه على إخراج سوريا من لبنان متجاهلين أن اللياقة والأدب تفرض احترام الميت وحني الرأس له حتى لو كان الفاعل رئيس جمهورية فرنسا، وقال كان الأجدى على تلك الوسائل نقل الخبر بموضوعية ودون تدخل ومحاولة استقطاب الرأي الآخر دون محاولة رميه بمئات الأسئلة المليئة بالغمز واللمز، وشدد هدال على ضرورة العمل على رص الصفوف اللبنانية وتفويت الفرصة على أعداء لبنان وسوريا. ويبدو أن الامتعاض والاستغراب من الهتافات المناهضة لسوريا أثناء تشييع الراحل الحريري لم يقتصر انعكاسها السلبي على المسؤوليين السوريين الذين يحاولون جاهدون إلى عدم الوصول إلى نقطة اللا عودة مع لبنان .. بل شمل أيضا الشارع السوري الذي لم يحتمل تلك الهتافات التي تصور سوريا بأنها وراء تلك الفاجعة، ورأى الشارع السوري أن استغلال عملية الاغتيال من قبل البعض لأهداف خاصة لا يقل خطورة عن الجرم المرتكب لأن مثل تلك الاتهامات التي لا دليل عليها والتي لا يمكن لعقل أن يصدقها من شأنه زرع الفرقة بين اللبنانيين أولا وثانيا بين اللبنانيين والسوريين، ورأت رجاء يونس موظفة في جامعة دمشق بأن اغتيال الحريري فاجعة نالت من الجميع وقد شعرنا بالألم والحزن عليه ونطالب الحكومة اللبنانية بل جميع الحكومات بضرورة العمل من أجل كشف ملابسات هذه الفاجعة النكراء وقالت إن مهاجمة العمال السوريين ومحاسبتهم على اتهامات يطلقها البعض هي تصرفات هوجاء كالتصريحات التي طالبت بخروج القوات السورية واضافت على اللبنانيين التحلي بالتعقل وامتصاص الغضب وإعمال العقل بدل العاطفة لأن من يفكر قليلا يدرك تماما بأن سوريا مستهدفة أكثر من لبنان بعملية الاغتيال من جهته أكد فادي الحايك موظف بأن لديه الكثير من الأصدقاء لبنانيي الجنسية مسحيين ومسلمين وأشار بأنهم أكدوا له بأن سوريا بريئة من اغتيال الحريري واستغرب ما يحاول البعض عبر شاشات التلفزة تسويقه وخاصة على القنوات العربية التي يرأس تحريرها بعض اللبنانيين وأشار بأن استغلال مثل هذا الحدث لإثارة الفتن من شأنه ضياع لبنان وعودته إلى عصر ماض حين كان الصديق يقتل صديقه والقريب يحارب قريبه، وطالب الحايك بعدم انصياع الشعب اللبناني وراء بعض الزعماء أو الذين يعتقدون أنفسهم زعماء والذين لا يتوانون عن تفسير أي تصرف لمصلحتهم السياسية أو المادية. أما بثينة الأحمد «طالبة» فقد طالبت الحكومة السورية بضرورة الانسحاب من لبنان وترك اللبنانيين «يقتتلون» وأشارت بأن الوضع لا يحتمل فكم السب واللعن الذي كاله بعض اللبنانيين على سوريا لم يعد مقبولا ولا بد على سوريا اتخاذ قرار بسحب قواتها ليس ضعفا أو خوفا بل ليدرك هؤلاء مدى قيمة سوريا وليعرفوا أنه لولا سوريا لم يكن هناك سلم في لبنان(!!).