لا بد أن البعض منكم عاش فترة انشغل فيها بالقصص الخيالية المصورة عن الأبطال الخارقين مثل سوبرمان والرجل البرق والرجل العنكبوت وغيرهم. وانشغالك هذا لم يتوقف عند سن معينة فحين كبرت أصبحت هوليوود تغازلنا بأفلام ضخمة عن هؤلاء الأبطال تحقق مبيعات عالية وحضورا كبيرا. قد تشاهد هذه الأفلام للتسلية وقد تشاهدها كي تتذكر ما مضى حين كنت طفلا أو مراهقا خالي البال. وحين تتساءل ضاحكا عن السبب الذي كان يجعلك مهتما بهذه القصص وهؤلاء الأبطال تتذكر أنك كنتَ معجباً جدا بقدرتهم على محاربة الشر وقدرتهم على التغيير وإصلاح الأمور. وكلامنا هذا قد لا يكون له أي علاقة ببقية المقال سوى أن لفظة "التغيير" سترد أكثر من مرة. أنت تسعى إلى إصلاح نفسك وأنت أيضا حريص على تقويمها وحريص أيضا على رؤية الآخرين لك وتقييمهم لتصرفاتك لذلك قد تذهب لقريب أو صديق تسأله عن رأيه في تصرف قمت به أو موقف عشته وأنت تريد ضمنيا من هذا المستمع أن يؤيدك في تصرفاتك وأقوالك لأنك تبحث عن من يطمئنك بأن ما تقوم به هو سليم ومقبول ويتفق معه الآخرون. وأنت تعرف عيوبك جيدا وتعيها، مثلا قد تصف نفسك بأنك سريع الغضب وتستدرك قائلا بأن قلبك طيب وأنك تنسى الإساءة بسرعة ومثلا قد تصف نفسك بأنك مبذر لكنك تعطي نفسك العذر قائلا لكنني أصرف راتبي في أشياء أستمتع بها وأستخدمها. وعيوبك كثيرة يمكنك أن تضع قائمة بهذه العيوب وترتبها على حسب أهميتها وتأثيرها على حياتك وعملك وعلاقاتك بالآخرين. وأنت قد تكون من هؤلاء الذين يجيدون إخفاء عيوبهم وقد تكون من هؤلاء الذين يتعايشون معها ، وقد تكون من هؤلاء الذين يريدون أن يتغيروا فإذا كانوا سريعي الغضب فإنهم يحاولون أن يجدوا طريقة للتعامل مع هذا الغضب كأن يبتعدوا عن اتخاذ أي قرار أو التخاطب مع أي إنسان حتى يزول تأثير الغضب، وإذا كانوا شديدي الحساسية والتأثر بتصرفات الآخرين تجاههم فإنهم يحاولون أن يتعلموا التعامل مع الآخرين بحسن نية حتى يتقبلوا تصرفاتهم. من الطبيعي أنك تريد أن تتغير، وأنك تريد أن تكون الشخصية المثالية الناجحة لكنك ستظل بعيدا عن الكمال. ويمكنك أن تعتبر نفسك من الأبطال الخارقين حين تقرر أن تتعامل مع عيوبك بطريقة إيجابية وأن تتغلب عليها من أجل راحة نفسك وليس من أجل إبهار الآخرين.