خسرت الولاياتالمتحدةالأمريكية واحداً من أبرز الباحثين والمفكرين في الفكر السياسي، وصاحب الاطروحة الأبرز حول (صدام الحضارات) والتي أثارت الكثير من الجدل في بداية التسعينيات الميلادية، وعاد إليها بعد تصاعد الحرب العالمية على الإرهاب. صامويل هانتنغتون توفي عن عمر يناهز 81عاما في مارثاس فينيارد (ماساتشوستس، في شمال غرب البلاد) وهي الجزيرة التي الف قضاء عطلة الصيف فيها منذ 40عاما حسبما اعلنت السبت جامعة هارفرد في موقعها على الانترنت. ويعتبر هانتنغتون في نظر زملائه "واحدا من اكثر الباحثين السياسيين الاميركيين تاثيرا في السنوات الخمسين الاخيرة" واوضحت الجامعة في بيان في موقعها على الانترنت ان صمويل هانتنغتون وهو استاذ سابق في هذه الجامعة العريقة لم يتوقف عن القاء محاضراته الا في عام 2007بعد 58عاما من الخدمات المشكورة والمخلصة. وذكرت هارفرد ان هانتنغتون الف وشارك في تأليف 17كتابا و 90مقالا علميا حول السياسة الاميركية ونشر الديمقراطية والسياسة العسكرية والاستراتيجية وسياسة التنمية. ولد صامويل فيليبس هانتنغتون يوم 18نيسان/ابريل عام 1927في نيويورك وحصل على شهادة من جامعة ييل العريقة وعمره 18عاما وبدأ التدريس في هارفرد قرب بوسطن وعمره 23عاما. واشتهر في الخارج بنظريته عن صدام الحضارات حيث اصدر كتابا لشرح رؤيته هذه عام 1996ترجم إلى 39لغة. وعرض هانتنغتون في هذا الكتاب فكرته التي تتلخص في ان الصراعات العنيفة في العالم بعد الحرب الباردة لن تكون بين دول قومية ولكنها ستنجم عن الخلافات الثقافية والدينية بين الحضارات الكبرى. وهذه الحضارات الكبرى في رأيه هي الحضارة الغربية (اوروبا الغربيةوالولاياتالمتحدة) وحضارات اميركا اللاتينية والحضارات الاسلامية والافريقية والارثوذكسية (التي ترتكز على روسيا) والهندوسية واليابانية والصينية الفيتنامية الكورية. وقال في حديث إلى "اسلاميكا ماغازين" في 2007"اعتقد ان الهويات والانتماءات والخلافات الثقافية لن يكون لها دور فقط بل سيكون لها دور كبير في العلاقات بين الدول". ونقل موقع جامعة هارفرد على الانترنت رد فعل الاقتصادي هنري روسوفسكي وهو صديقه منذ نحو 60عاما حيث قال هناك "في العالم اجمع اناس يدرسون ويناقشون افكاره". واضاف ان "كل كتاب من كتبه كان له تاثير" موضحا ان كتبه "دخلت في قاموس كلماتنا". ووصفه خورخي دومينغيز احد نواب العمداء في هارفرد بانه "احد عمالقة العلوم السياسية في العالم خلال نصف القرن الاخير. فقد اوتي مهارة عرض المسالة الحاسمة والمزعجة. كما كانت لديه الموهبة والذكاء لصياغة تحليلات قادرة على مقاومة الزمن". ويقول البروفسور ستيفن روزين المتخصص في الشؤون العسكرية والامن القومي ان "ذكاء هانتنغتون الفذ كان موضع اعتراف اساتذة الجامعة ورجال الدول الذين اطلعوا على كتبه في انحاء العالم. لكن الذين يعرفونه كانوا يحبونه لانه كان يجمع بين دفاعه الشرس عن مبادئه وعن اصدقائه وبين متعة مواجهة اولئك الذين يعارضون افكاره". وتقول زوجته نانسي اركيليان هانتنغتون التي تزوجته منذ 51عاما ان صامويل هانتنغتون الذي صدر كتابه الاخير بعنوان "من نحن؟ الهوية الوطنية وصدام الثقافات" عام 2004كان يقف من الناحية السياسية في الجانب الديمقراطي. وكان هانتنغتون قد عمل في البيت الابيض وذلك في مجلس الامن القومي في عهد جيمي كارتر في عامي 1977و 1978.ويرى تيموثي كولتون الاستاذ في جامعة هارفرد والمتخصص في شؤون روسيا ان هانتنغتون "كان مترسخا في الحياة الاميركية وفي هويته الوطنية لكنه انتهى إلى الاهتمام بمسائل اوسع". فقد تناول في بحوثه الاخيرة العلاقات بين الدين والهوية الوطنية. ولم يورد موقع هارفرد سبب وفاته ولكنه اشار إلى ان حالته الصحية بدأت تتدهور منذ خريف 2005.ولم يحدد بعد موعد دفنه الذي سيتم في مراسم اسرية في مارثاس فينيارد.