تأتي أهمية الحذاء وشهرته تبعاً لأهية منتعليه وفي مقدمتهم الزعماء والأبطال حيث توضع احذيتهم بمتاحف او تباع بالمزادات العلنية، كما تأتي أهمية الحذاء وشهرته ايضاً تبعاً لمقام وأهمية المستهدف به، ومن هنا جاءت نجومية حذاء المواطن العراقي الذي ضرب به صورة صدام حسين عشية سقوط بغداد وعرض للمزاد لشرائه بملايين الدولارات ولكنه رفض بيعه معللاً ذلك في حينه انه بعد عقود من الدكتاتورية فإن الحذاء الذي ضرب صورة صدام حسين لا يقدر بثمن. والآن، وبعد خمس سنوات على هذه الواقعة، يقدم الصحفي العراقي "منتظر الزيدي" على قذف الرئيس بوش بفردتي حذائه قبيل انتهاء ولايته، وتكمن المفارقة في الحادثتين ان العراقي الأول ضرب بحذائه صورة صدام حسين وليس صدام نفسه، بينما العراقي الثاني "منتظر الزيدي" قذف بوش شخصياً بحذائه وجهاً لوجه! ويرمز هذا الاختلاف الى دلالة مهمة، وهي ان الغضب الشعبي العراقي على بوش اضعاف مضاعفة من الغضب الشعبي العراقي على صدام حسين ترجم ذلك الزيدي، الذي لم يقدم على هذا العمل، لولا ان لديه إحباطات هائلة، سياسية واقتصادية واجتماعية ومدنية وعسكرية جراء الغزو الأمريكي لبلاده عايشها أكثر من غيره بحكم عمله الصحفي، طغت مجتمعة على حساسية الموقف وعلى مهابة أكبر رئيس دولة تتربع بلاده على الزعامة السياسية والاقتصادية والعسكرية في العالم، وعلى العواقب الوخيمة التي من الممكن ان يتعرض لها، عندئذ اقدم على هذا العمل الذي هللت له الشعوب التي تقرحت قلوبها وعقولها من ممارسات بوش وإدارته المتطرفة سوى قلة قليلة اطلقو كلمات عبثية على تلك الواقعة مثل "عيب" و"سلوك غير حضاري" حيث لم يضعوا انفسهم مكان منتظر الزيدي العراقي المحبط الذي يقف على بعد خطوات من بوش محتل بلده وصانع إحباطاته وانتهاكاته بمعلومات خاطئة وصلته من استخباراته!! كما اذكر هؤلاء بأن "العيب" او "السلوك غير الحضاري" لا تطلق على هذه الواقعة، بل يطلق على احتلال العراق وقتل وتشريد وتعذيب الملايين من ابنائه وتدمير بنيته التحتية ومؤسساته المدنية والعسكرية والمتاحف وحضارة وادي الرافدين والجامعات والمساجد والمستشفيات، وإشعال لظى النعرات الطائفية والمذهبية، وانعدام الأمن والحياة الحرة الكريمة لمواطنيه. بل ان ذلك ليس "عيباً" و"سلوكاً غير حضاري" فحسب، بل هو جريمة تاريخية بحق العراق ارضاً وشعباً.