في بعض مناطق بلادنا يستعملون هذه العباره لتعني أو تدلّ على زيارة قصيرة جدّا أو المرور على صديق في منزله لا يُكلفونه البقاء طويلا لاستضافتهم. ونلقط (نأخذ بسرعة) والفنجال معروف، وقد يعني فنجال القهوة أو الشاي. شاع استعمال المفردة عندما كان القادم إلى البلدة - بعد غياب - يجد اهتماما من الجوار والأصدقاء والأقارب من أجل سرد أخباره وأخبار "الجماعة" في البلد الذي قدم منها.ويحتاج القادم إلى توزيع وقته بين الناس في البلدة، لإرضاء الكلّ.لذا نجده ومرافقيه "يلقطون الفنجال" كي يفوا بوعدهم مع المحتفي الآخر الذي لابد ينتظرهم . وأظن - وقد لا يخالفني الكثير - فنجال (أهل مصر والشام يقولون فنجان) القهوة العربية الذي نستعمله في بلادنا وفي منطقة الجزيرة العربية، جرى تصميمه بطريقة تُسهّل حمل أعداد منه في يد واحدة (اليد اليمنى)، وكذا يسهل استقباله من قبل من يُقدّم القهوة، وأيضا يسهل هزهُ عند الاكتفاء، وبعض الرجال يستسهل أيضا قذف الحثالة من البهارات (إن وُجدت) إما إلى الخلف أو إلى الأمام، لجعل السجادة تمتص بقايا القهوة، وكانت تلك السجاجيد (التي امتصّت القهوة) فيما مضى، دليل كثرة الضيّوف . والقهوة، كضيافة، لم تكن من أوليات إكرام الضيف في تراث العرب القديم. بدليل أن مفردة "فنجال" فارسيّة مُعرّبة. وقال عنها الجواليقي وكذا معجم الألفاظ الفارسيّة المعرّبة لواضعه آدى شير، بأنها جاءت من "بنكان" الفارسية، وهي تعني إناء. عندي أن تلك المصانع التي صممت هذا النوع من الفناجيل درست حاجة الجزيرة العربية، وأخذت السبق في قبول وحصرية الشكل. وعُرفت بعض الأُسر في عنيزة، وأجزم بوجود أُسر في مناطق أخرى من بلادنا، باعتمادها تدريب شبابهم منذ الصغر على كيفية صب القهوة بالطريقة الصحيحة. وكيف كانوا يمرنون الشاب على جعل يده اليمنى تحمل قرابة الخمسة فناجيل، بينما اليد اليسرى تحمل الدلّة المملوءة بالقهوة، والمحمولة بواسطة "البيز" كي يقي اليد من الحرارة. وكيف يُعلن مقدّم القهوة قدومه للضيوف بجعل الفناجيل التي يحملها باليمنى تُصدر أصواتا تشدّ انتباه وشهية الضيف. وبمرور الزمن والتدريب يشتد الساعدان وتصبح العملية سهلة و محبوبة ودلالة رجولة . ترون الآن كثرة الإعلانات في الصحف عن وجود "صبابات وصبّابين" مطلوبين، وعلى طالب الخدمة حجزهم مقدما .