اعتمد "الرئيس الجنرال" لانسانا كونتي الذي توفي ليل الاثنين الثلاثاء عن 74عاما، طوال سنوات حكمه ال 24على الجيش لقمع معارضة متزايدة بقسوة، بدون ان يصغي لآلام شعبه، مع انه كان يؤكد انه يريد "اسعاده". وكان هذا العسكري وصل الى السلطة اثر انقلاب في الثالث من نيسان/ابريل 1984بعد اسبوع من وفاة "مهندس استقلال" غينيا احمد سيكوتوري. وقد تدهورت حالته الصحية منذ 2002وكان يقيم في قريته فاوا ( 80كلم شمال غرب كوناكري) في معظم الاحيان لكنه اكد دائما انه يريد البقاء في السلطة حتى انتهاء ولايته في 2010.وقال في حزيران/يونيو 2007"انا الزعيم الباقون تابعون لي"، مؤكدا في الوقت نفسه ان "الامر الاساسي" بالنسبة له هو "سعادة شعب غينيا". لكن في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من السنة نفسها قمعت تظاهرات شعبية كبيرة معارضة "لنظام كونتي" و"لصوص الاقتصاد الوطني" بعنف مما ادى الى مقتل 186شخصا على الاقل وجرح 1200آخرين، حسب منظمات غير حكومية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي قتل اربعة اشخاص على الاقل حسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعية عن حقوق الانسان، في ضاحية كوناكري التي هزتها تظاهرات اطلقت خلالها قوات الامن الرصاص الحقيقي مرات عدة. وينتمي لانسانا كونتي الذي ولد في 1934في نوسايا لومبايا غير البعيدة عن كوناكري، الى اتنية السوسو التي تشكل حوالي عشرين بالمئة من سكان غينيا البالغ عددهم 9.6ملايين نسمة. وتحول ابن المزارع هذا الى "طفل مقاتل" بعد انتسابه لفترة قصيرة الى مدرسة لتعليم القرآن. وقد تلقى دورات تأهيل في بينغرفيل (ساحل العاج) وسان لوي (السنغال). وفي 1955التحق بالجيش الفرنسي وارسل الى الجزائر. وعند استقلال غينيا في 1958، غادر الجيش الفرنسي برتبة سرجنت. وقد شارك في غينيا بيساو وحرب التحرير ضد المستعمرين البرتغاليين وتسلق سلم الجيش. وعند وقوع الانقلاب ليل الثاني الى الثالث من نيسان/ابريل 1984، وصل كونتي الى السلطة لانه كان الاعلى رتبة بين الانقلابيين. وقد خاب امل الديموقراطيين بسرعة بعد وصوله الى السلطة خلفا لسيكوتوري الزعيم التقدمي الذي اصبح مستبدا مصابا بالهوس. واعتمد في نهاية المطاف على الجيش لارساء سلطته وتمكن بذلك من صد محاولة انقلابية في تموز/يوليو 1985وتمرد لجنود في شباط/فبراير 1996.وفي 1990، اقر البرلمان دستورا جديدا ينص على التعددية، لكن لم تنظم انتخابات حرة او شفافة اطلاقا. وانتخب كونتي رئيسا في 1993ثم اعيد انتخابه في 1998في عمليات اقتراعات طعنت فيها المعارضة والاسرة الدولية. وقاطعت المعارضة استفتاء تشرين الثاني/نوفمبر 2001حول اصلاح دستوري ينص على شكل من "الرئاسة مدى الحياة" ثم في الاقتراع الرئاسي الذي اعيد انتخابه فيه ب95، 63% في مواجهة خصم واحد. ولادارة هذا البلد الواقع في غرب افريقيا، اختار كونتي في 1985الليبرالية الاقتصادية بعد 26عاما من الاقتصاد الموجه. الا ان كونتي واقرباءه بقوا يسيطرون على الاعمال في هذا البلد الغني بالثروات المعدنية (حديد وذهب والماس..) ويستشري فيه الفساد. وغينيا تحتل المرتبة 160من اصل 177بلدا في تصنيف التنمية البشرية للامم المتحدة. وكانت "مجموعة الازمات الدولية" (انترناشيونال كرايزس غروب) كتبت في حزيران/يونيو الماضي ان "المشكلة الحقيقية التي تعاني منها غينيا هي الرئيس كونتي وقبيلته"، منتقدة "نظرته العسكرية واللصوصية الى ممارسة السلطة". وتابعت المنظمة نفسها ان ولايته الرئاسية الاخيرة كانت "كارثة اقتصادية واجتماعية". ودانت المنظمة "السرقة المنهجية للموارد العامة في الدولة الغينية في عهد كونتي (...) واختراق شبكات تهريب المخدرات في المنطقة لقوات الامن والحرس الرئاسي" في هذا البلد.