طرحت العديد من الأسئلة والاستفسارات من قبل بعض المطلعين على مقالي السابق (الزيت المهدرج بين المواصفات والمقاييس)، مما زودني ذلك بارتياح نفسي انطلق مع كريات الدم الحمراء إلى جميع خلايا الجسم، لأن تفاعل القراء للتثقيف الصحي وتلقي المعلومة المفيدة، هو بمثابة الوقود الذي أجبرني على الكتابة مرة أخرى وإخراج هذا المقال. لم يكن مسمى (زيت نباتي مهدرج) غريباً على الكثير من المستهلكين خاصة من تسمح لهم الصدفة في قراءة البطاقة الغذائية، ولكن القليل من يعرف جانب الفائدة والضرر، والزيوت المهدرجة هي بالأصل زيوت مستخرجة من مصادر نباتية فقط وليست دهوناً حيوانية، يتم إجراء عملية الهدرجة Hydrogenation عليها لتحويلها من صورتها السائلة إلى الصورة شبه الصلبة، للاستفادة منها في صناعة الأغذية، ولا تستخدم عملية الهدرجة على الدهون الحيوانية التي توجد أساساً بالصورة الصلبة. وعملية الهدرجة هي إضافة ذرات الهيدروجين إلى الزيت النباتي تحت ضغط معين بوجود حافز، وينتج عنها أحماض دهنية من نوع يسمى ترانس Trans، وهذا هو المتهم بحدوث الأضرار الصحية، التي لا يقتصر فقط على تصلب أغشية الخلايا وزيادة الكوليسترول السيئ بل أيضاً في تخفيض الكولسترول الجيد، وهذا ما تشير إليه العديد من الدراسات بأن تناول هذا النوع من الأحماض الدهنية يزيد من خطورة أمراض القلب. وألا يعتقد القارئ الكريم أن هذا النوع من الزيوت هو المسبب الوحيد لأمراض القلب، بل هو سبب من عدة أسباب الكثير منها أخذ نصيب الأسد من التحذير مما أدى ذلك إلى معرفة الناس بها والتقليل من التعرض لها، إلا أن الزيت المهدرج لا يزال قادراً على الهروب والتخفي من أٍقلام الإعلام المقروء أو حتى مصادر الإعلام الأخرى، وهذا سبب أساسي في تسليطي للضوء عليه وأن أكون متمسكاً في المطالبة بوضع علامة تحذيرية، كالعلامات التي يتباهي بعض المصانع بوجودها مثل عدم احتواء المنتج على مواد معدلة وراثياً أو حصوله على علامة الجودة، مع مطالبة المصانع بإيجاد حلول سريعة واستخدام بدائل أخرى. إحدى أكبر شركات الوجبات السريعة في أمريكا أعلنت أنها منعت استخدام الزيوت المهدرجة في منتجاتها، وفي دول عربية يقل بشكل كبير جداً استخدام الزيت المهدرج في صناعتها الغذائية، أما النقطة المهمة التي يحب الكثيرون معرفتها فهي أماكن وجود الزيت المهدرج في محيطنا الاستهلاكي، ولأن صعوبة إيجاد هذا السؤال ترتكز على عدم استطاعتي ذكر الأغذية وذلك لكثرتها وانتشار استخدامها خاصة في حلويات الأطفال ومنتجات عديدة أخرى، والحل المناسب لكل فرد منا هو التركيز في قراءة البطاقة الغذائية مع الاستمرار على ذلك، إلى أن نرى حلولاً تواكب تطلعاتنا الصحية. ٭ عضو الجمعية السعودية لعلوم الغذاء والتغذية