من سوء حظي وخلال تجوال شبه يومي بين مايصدر من تقارير الجمعيات والمنظمات الصحية، تم سقوط عدسة مجهر الزاوية على أحد تقارير منظمة الصحة العالمية وبالمشاركة مع منظمة الأغذية والزراعة، وهو تحذير شديد اللهجة لأحد الزيوت المستخدمة بكثرة في الصناعات الغذائية. وعدو هذا التقرير والذي تم توجيه أصابع الاتهام إليه كمسبب خطير لتصلب الشرايين، هو الزيت النباتي المهدرج والذي يعتبر أحد الأصدقاء الأوفياء لشركات الأغذية ويحتل مقعداً دائم العضوية بين أعضاء البطاقة الغذائية على المنتجات! عملية (الهدرجة) للزيوت هي عملية كان الهدف منها إيجاد بدائل للدهون الحيوانية، التي تحتوي على أهم العيوب وهو الكولسترول الذي تمت محاربته من قبل الكثير من المستهلكين في الدول المتقدمة، مما جعل شركات الأغذية تتجه لإجراء عملية الهدرجة على الزيوت النباتية لتحويلها من صورتها السائلة إلى الصورة الصلبة لاستكمال مسيرة التصنيع الغذائي. وتعمل الزيوت المهدرجة إلى تصلب أغشية الخلية وتدل عدة دراسات إلى دور هذه الزيوت في زيادة الكولسترول السيئ وتقليل الكولسترول الجيد مما يجعل الفرد عرضه لأمراض القلب وتصلب الشرايين رغم خلوها من الكولسترول أساساً وهذا ماورد في تقرير منظمة الصحة العالمية. مما جعل ذلك الكثير من الهيئات والمنظمات الصحية إلى إصدار توصيات وإرشادات صحية تجاه هذا الموضوع، مما دفع بعض الدول تحويل هذا التوصيات إلى أهداف (سياسية) و(ضرائب) على الشركات حرصاً منها على (صحة الفرد). ففي الولاياتالمتحدة تم إلزام الشركات بوضع علامات وتحذيرات بحلول عام 2006م ليكون المستهلك على علم باحتواء المنتج على زيت مهدرج، وفي كندا وألمانيا ودول أخرى، بل قامت العديد من الشركات بأخذ قطار الاحتياط والسباق على التنافس لايجاد حلول وبدائل عن هذه الزيوت. ولاتزال مكائن التصنيع الغذائي في شركات الأغذية لدينا، تدور في العمل ليل نهار وسط تلك التقنيات التي ما أن تلبث أن تدخل المواد الأولية إلى خط الإنتاج حتى الحصول على المنتج مروراً بعدة خطوات، ومازالت لدي معرفة كبيرة بتلك الصناعات ومكامن الفائدة والضرر، مما يجعلني أهتم بهذه المواضيع وإعطاءها نصيباً من التدقيق والتركيز، والحمدلله مازلت أتذكر ذلك رغم خطوات ذاكرتي للدخول في مرحلة الشيخوخة المبكرة نتيجة ماتحملة من أحداث صحية مؤلمة! لعلي وعسى مع جميع كلمات التمني أن يكون هناك تحرك رسمي ولو بسيط بإجبار الشركات المستخدمة لهذه الزيوت أن تجد بدائل أخرى، أو إشعار المستهلك بوضع علامة تحذيرية أوما شابه ذلك، أو إيجاد حلول سريعة تواكب نتائج تلك الدراسات مع إصدار تشريعات من قبل مؤسساتنا وهيئاتنا الرقابية وخاصة المواصفات والمقاييس لتضمن لنا ولو شيء قليل مما ذكر في الجمل السابقة والتي كانت مابين الأقواس!!