الغموض عند اللغويين هو أن يكون للكلمة الواحدة عدة معان تطلق على كل منها على طريق الحقيقة لا المجاز، وذلك كلفظ الخال الذي يطلق على أخ الأم وعلى الشامة في الوجه وعلى السحاب. والغموض عند السياسي يظهر جلياً عندما يتحدث الرئيس عن السياسة، فهو يزهد في مطالبها، ويقاتل لتحقيق مكاسبها، يمتدح التعددية الطائفية ويدين الصراع المذهبي. السياسة لديه مكانتها من مكانة "المرأة والحقيقة" عند نيتشه حين يقول: ".. بين النساء لا توجد الحقيقة لأن مجرد معرفتها انتهاك لكل أعراضهن"، ومعرفة أسرار السياسة يعد خروجا عن القيم الوطنية. والغموض عند الاقتصاديين هو التأكيد على حقيقة أن التطور ضرورة، وضمن ذلك التطور النماء عن طريق بناء المصانع وزيادة الاعتماد على آليات السوق لدعم ميزانية المجتمع، ولهذا سهل الاقتصادي عملية الاقتراض من جانب المعدمين لتحقيق المنفعة لبني جلدته، والمكسب لا يعدو أن يكون كل ما يقع بين يديه من تضحيات الطامحين لستر الحال. يبدو أنني تجاوزت الغموض الى المباشر، ليس لأنني صريح وأنعم بحب المواجهة، ولكن لأنني مواطن عربي أصبح الغموض لديه مباشرة، لا يفرق بين الخيال والحقيقة.. علماء لديهم القدرة على تحديد صارم لأعداد الأمية، وأسبابها، ولهذا فهم يضعون مناهج تشع بالفائدة من اجل تكريس حالة الأمية والتخلف، ينادون بتغيير المناهج ويصرون على حقن طلابهم بها حفاظا على الهوية القومية..! تجاوزنا حالة الرجعية، وحققنا الاتصال بالشعوب المتحضرة، وشرعنا بشكل منتظم في استعارة رذائل، ونقائض، وعنف الحضارة المتفوقة.. وكنا الأدنى في كل شيء. لا أريد أن أتحدث عن غموض التاريخ لأن كيميائيا مشهوراً وضع مقدمته وأنا لا أجيد قراءة المعادلات الكيمائية. ومن الغموض الواضح شاعر قبلي ينبذ التعصب للقبلية ويصفق له أفراد قبيلته على إشادته بتفردهم بالفروسية، وإنزال الهزائم على من سواهم.. وسمعت أن آخر قصيدة له كانت عن انتصار اوباما الكيني الأصل الساحق على زعيم قبيلة آل بوش الأمريكي الأصل، ولكن للأسف أن الذي شكره على قصيدته هو السيد بوش.. وأخيرا سامح الله صديقي الذي يتهمني بالغموض في كل شيء وينصحني أن أهتم بقراءة الغموض عند اللغويين والنحاة من أجل المعرفة، وعند الشعراء من أجل الدهشة.. وكيف اثبت له أنني عملت بنصيحته حد أنني عرفت المسند، والمسند إليه في اهتمامي بالنحو، وأدمنت الرواية في شغفي وتعلقي بالقصيدة...