لحظة صمت! الضجيج من حولك يبعدك عن ضجيجك الداخلي يشغلك عن ما يدور بداخلك. وأنت تريد أن تنشغل أحيانا تريد أن تهرب في أحيان أخرى تريد أن تغير مشاعرك وأفكارك ورتابة يومك. لذلك تخترع لحظات تروح فيها عن نفسك قد تسميها إجازة أو وقت فراغ أو ساعة تقضيها في رياضة المشي في أحد الشوارع أو الركض في صالة نادٍ رياضي أو تناول وجبة في مطعم مع الأصدقاء أو الجلوس في مقهى مع كوب قهوة تتأمل الوجوه وتسمع الكلام المتناثر في الطاولات من حولك حين يرتفع صوت أصحابها وهم يتناقشون أو يتبادلون الأحاديث. الكلام إحدى أهم وسائل التواصل الإنساني فأنت تعبر عن نفسك باختيار كلماتك وانتقاء ألفاظك قد تكون متحدثا جيدا وقد تملك القدرة على جعل الآخرين يصغون لك بانتباه وقد تكون من هؤلاء الذين يستفزون الآخرين للمناقشة والحوار وقد تكون الشخص الذي يملك الإجابات الجاهزة لذلك تجد الآخرين يرمون في وجهك أسئلتهم وهم يتوقعون أنك تملك الإجابة التي ترضيهم. لحظة ثرثرة! لا تحب الكلام لعلك لا تحب أن تسمع صوتك. قرأت مرة أن أسوأ أنواع البشر هم الذين يستمتعون بسماع أصواتهم. أظن أن هذه مقولة مبالغ فيها فهناك أشياء وصفات أخرى يمكننا أن نقيس من خلالها مدى سوء الإنسان. لكن لعل قائلها كان متعبا من هؤلاء الذين يسفهون آراء الآخرين أو الذين يعتقدون أن مهمتهم في كل حديث أو حوار هو إقناع الآخر بسفاهة رأيه أو تفاهة أفكاره أو سوء اهتمامته رغم أنه لو أنه تخلى عن عجرفته واستمع لهذا الآخر جيدا لربما خرج عن دائرته الأحادية الأبعاد إلى دائرة أوسع أفقا وأكثر رحابة. سمعت مرة سيدة عجوز تتحدث مع صديقة لها وهما تتناولان فنجان شاي قائلة:"لا يكفي أن تسمع للآخرين بل يجب أن تستوعبهم أولا" ولعل استيعاب الآخر يساعدك على تقبله. كلنا نثرثر... نمسك بالهاتف ونتحدث لساعات نجلس مع صديق أو قريب لنردد نفس الحكايات ونفس الأحاديث نمسك بالقلم لنعيد اختراع الفكرة ونعيد تركيب الجملة وفي النهاية نحن نريد أن نتواصل مع كل ما يحيط بنا. ولكل منا طريقته في التعبير عن نفسه ولو تأملنا الدنيا وهي تتحدث وتنشغل بموضوع الساعة الذي تنساه في الساعة القادمة لتعلمنا الكثير.