في سنوات مضت لم تكن الأخطاء الطبية ظاهرة في مستشفياتنا بالرغم من قلة الإمكانيات البشرية والتقنية، أما اليوم فأصبحت ظاهرة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وأصبحت الأخطاء الطبية تتابع يوماً بعد يوم والضحية المرضى من المواطنين والمقيمين وبعض هذه الأخطاء ذهب ضحيتها العشرات، فمنهم من الأموات والبعض الآخر إلى إعاقات دائمة ومستعصية وآخرها ما طالعتنا به جريدة "الرياض" في عددها رقم 14783وتاريخ 1429/12/16ه وكان بعنوان "خطأ طبي في مجمع الملك سعود" يتسبب في بتر يدي مقيمة سودانية ورجيلها، علماً بأن مراجعتها للمستشفى كانت لتعرضها لصداع في مؤخرة الرأس، وقد شخص الأطباء بأنها تعاني من ورم حميد في المخ وأجريت لها عملية لاستئصال جزء من الورم وبعد ذلك تم تحويلها إلى قسم الولادة لإجراء عملية قيصرية لإخراج الجنين بعد أسبوع من العملية الأولى وبعد ذلك تدهورت صحتها وتعرضت إلى نقص في التروية الدموية لأطراف اليدين وأصابع القدمين مما أدى إلى بتر أطرافها العلوية والسفلية وأصبحت مقعدة تماماً أشبه ما تكون بكيس من الأسمنت بدون حركة، ووسط هذه المعاناة يأتي المسؤولون في مجمع الملك سعود الطبي بالعرض على زوجها لعلاجها في أي مكان في العالم. بشرط أن لا ينشر الموضوع في أي وسيلة إعلامية على حد قول زوجها فإذا كان هذا صحيحاً فهذه طامة كبرى تنم على أن هناك فجوة طبية بين المسؤولين في المستشفى أطباء وإداريين، والدليل على ذلك ما سمعته من خال المريضة إبراهيم الحسين عندما قال لي إن مدير المستشفى متألم ومتعاطف مع وضع المريضة وقد وعد بمحاسبة الأطباء الذين ارتكبوا هذا الخطأ الطبي وجرأتهم في إخفاء ذلك عن المسؤولين في المستشفى، والقضية ليست هذه المريضة التي تعرضت لهذا الخطأ بل قد يكون هناك مرضى آخرون أجريت لهم عمليات وانتهت بالوفاة أو بالإعاقة ولم يدرك هؤلاء المرضى وأهلهم أن سببها قد يكون أخطاء طبية لأن معظم المرضى يثقون في الأطباء ويسلمون أمرهم إلى الله ويعتبرون ذلك قضاء وقدراً وهذا مما يجعل الأخطاء الطبية تتكرر لأنه لا يوجد جهة استشارية تضم نخبة من الأطباء مكونة من المستشفيات الحكومية يرجع إليها عند اتخاذ إجراءات في إجراء عملية معقدة مثل حالة المريضة التي أشرت إليها، وهذا ما نطالب به معالي وزير الصحة وذلك بإنشاء في كل مديرية من مديريات الصحة المنتشرة في مناطق المملكة هيئة استشارية تعرض عليها حالات العمليات المعقدة ولا يمنع أن تكون هذه اللجنة مرتبطة مع المستشفيات المتخصصة مثل المستشفى العسكري والتخصصي بالرياض من خلال قاعدة معلومات طبية عن طريق الانترنت المرئي وبهذه الطريقة نستطيع تلاشي الأخطاء الطبية التي تسيء إلى التطور الذي تشهده المملكة والتي تعتبر رائدة في الميدان الصحي والاقليمي والعالمي. والله من وراء القصد. @ مكتب التربية العربي لدول الخليج