هل هناك فرق بين فيلم سينمائي وآخر تلفزيوني من منظور تقني؟ أعني هل بالإمكان تناول تأثير ما يتم بثه عبر الصورة بشكل مختلف؟ كيف يمكن الفصل بينهما وقنوات العالم تبث الأفلام بكل أنواعها يوميا دون أن نجد من يعترض على تصنيفها مع ملاحظه بأن تناول الموضوع يختص بالمقبول فنيا واجتماعيا ولا يشمل كل ما يتم طرحه عالميا، وعليه فقد دهشت من قراءة خبر يقول بأن اعتراضات مواطنين في الطائف قد أوقفت عرض فيلم مناحي بعد أن تزامن عرضه مرة واحدة مع عرضه في جدة والكويت والقاهرة في عيد الاضحي المبارك ولم نفهم حقيقة ما هي أسباب الرفض وان كان من يعترض على عرض الأفلام يعي ما يمكن أن تحمله تلك الأعمال من مضامين وتأثيرات تشكل الوعي أحيانا أو تعيد تشكيله حسبما هي فكرة العمل. عموما هذه الإطلالة لا تعني بالدفاع عن فيلم مناحي أو نقده فلم أشاهده ولكننا أمام ظاهرة وطنية وثقافية وليدة ولغة تأثير وتفاعل يتسابق بها العالم في عرض رؤاه أو قضاياه ونحن ما زلنا نفكر نسمح أو لا نسمح رغم ان مشاهدة الأفلام في بيوتنا واقع يومي يتكرر ولا يمكن إنكاره فما هي مشكلة مفهوم صناعة الأفلام وعرضها؟ في مقالة ذات شأن اطلعت عليها قبل فترة على موقع إسلام اون لاين الاليكتروني بعنوان السينما والبحث عن دور إسلامي لعلاء عبد العزيز وهو مدرس مساعد بالمعهد العالي بأكاديمية الفنون بمصر يقول بأن الأفلام ومنذ نهاية القرن 19وحتى الآن ظلت تمثل "مصنع الأحلام" لدي المتلقين لها فقد أصبحت مكونا أساسيا في حياة البشر ومن هذا المنطلق كان الاهتمام بها فهي تتخطي كونها أداة تسلية فقط إلى كونها أداة توجيه وبث فكري للآراء والمعتقدات . ويقول عن الصورة السينمائية بأنها سهلة الإدراك من حيث سرعة الاستيعاب الإنساني لها وذلك في مقابل الكلمة المكتوبة التي تعتمد على قدرة المتلقي على القراءة، بالإضافة إلى درجة تعلمه، إنها بديل بصري للواقع إذ انها تجعل العالم مرئيا ويمكن استحضاره بل وبالإمساك بأدق تفاصيله ويعلل الظاهرة بأن الصورة أصبحت تحاصر الإنسان اليوم بشكل لم يسبق له مثيل فهو محاط بعالم من الصور (إعلانات - أغان مصورة - سينما - تلفزيون) وهو - في الوقت ذاته - قد لا يعي تأثيرها الفاعل في حياته من حيث تعديل السلوك والقيم وأيضا الموروثات فنحن في عصر يرتكن بشكل كلي وجزئي على "الصورة" في تلقي المعلومات والإدراك والمعرفة . ويضيف بأن السينما تحمل صورا قد تكون جيدة أو رديئة وفقا للضوابط الشرعية وعليه يمكن اعتبارها مجرد وسيلة حاملة فهي قد تستخدم كوسيلة دعوية لا مناص من استخدامها فالإنسان عامة - والمسلم خاصة - محاط بزخم وفيض كثيف من الصورة، وسواء أكانت فوتوغرافية أم تلفزيونية أو سينمائية، وهذا النبض الكثيف لا مجال للهروب منه لان الصورة لديها القدرة على تشكيل الوعي أو إعادة تشكيله، وليس هذا فقط بل ان التاريخ يعاد تقديمه بشكل مرئي . ويضرب مثلاً بفيلم عمر المختار للمخرج السوري مصطفى العقاد وكيف أن شخصية عمر المختار قد خرجت من كونها أحد شخصيات كتب التاريخ التي نقرؤها إلى كونها شخصية مجسدة فاعلة بعد عرض الفيلم في أوائل الثمانينات. ويفسر الرؤية بأن الوعي بدور السينما وفعالها فينا وفي الآخرين من شأنه أن يودي بذلك التبسيط المخل الذي يقف من السينما كلها موقف التحريم، بل إن التفكير بمنطق "درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة" يمكن أن يجر إلى أن استخدام السينما والإمساك بزمامها سيكون له القدرة على درء مفاسد كثيرة.