تشهد جامعة الملك سعود نهضة حقيقية في مختلف الجوانب الأكاديمية والإدارية، ومن يمر على الجامعة سيجد أنها أشبه ما تكون بخلية جميلة مليئة بالحركة والعمل والنشاط والحيوية والإنتاج، ولم يكن يحصل ذلك لولا الجهود الجبارة التي يبذلها معالي مديرها الدكتور عبدالله العثمان للارتقاء بهذا الصرح العلمي المتميز. وتبقى بعض الصعوبات التي تحتاج إلى إعادة نظر، ومن بينها وضع السكرتارية في الجامعة، وهو وضع يمكن وصفه بأنه لايتناسب مع توجّهات الجامعة التطويرية ولايتواكب مع الطموحات التي تشهدها حاليًا. فنجد التذمر والشكوى من ضعف مستوى عدد من العاملين في هذا المجال، لدرجة أن بعضهم يفتقر إلى أبجديات العمل، فهناك من لايعرف التعامل مع الإنترنت والكمبيوتر، ولديه ضعف في ترتيب المواعيد وتنظيم الملفات وكتابة الخطابات وإعداد محاضر الاجتماعات وتنسيقها، وتصحيح الأخطاء، علاوة على حاجته للتدرب على إقامة التواصل الإيجابي مع المراجعين وحسن استقبال المعاملات وإحالتها بطريقة صحيحة. وبسبب القصور في مهارات السكرتير في الجامعة، تظهر المشكلات المتتالية في إهمال إرسال الخطابات أو التأخر في تنفيذ العمل أو أداء المهام بطريقة غير صحيحة أو إساءة استقبال الطلاب والمراجعين وغير ذلك من التصرفات التي تعيق العمل وتقف حاجزًا أمام أداء المهام بالطريقة الملائمة. علاوة على ما تتسبب به تلك التصرفات من إشغال المسؤولين في تنفيذ أعمال السكرتير بأنفسهم، وقضاء فترة من الزمن من أجل تصحيح تلك الأخطاء ومحاولة تقويمها في الوقت الذي يجب فيه أن يتفرغوا إلى أعمال أخرى. ومن تتح له فرصة التعامل مع الأقسام والجهات الإدارية يلاحظ هذا المستوى المتدنّي من إنجاز العمل الذي يقوم به السكرتير، كما يجد سوء التعامل بما في ذلك عدم احترام المراجعين وعدم المبالاة بأوقاتهم. ينطبق هذا على الرجال والسيدات. ويبدو أن السبب عائد إلى أن هؤلاء الموظفين عُيّنوا في هذه الوظائف ليس لكفاءة خاصة يملكونها لهذا العمل ولكن فقط لتوفر تلك الوظائف، وبعضهم لم يتلقَ التدريب المناسب على العمل. زد على ذلك غياب روح العمل الجاد وعدم الشعور بالمسؤولية، وهذه مشكلة عامة وليست خاصة بالجامعة، مثلها في ذلك مثل بقية القطاعات الأخرى. ولكن الجامعة تختلف عن غيرها من القطاعات في أنها مكان تعليمي يتعامل فيه الموظفون مع شريحة من الناس أغلبهم من الطلاب ومن أعضاء هيئة التدريس، ويمكن لمن يعمل فيها أن يستفيد مما تقدّمه من برامج وورش عمل ودورات في صقل مهاراته وتنمية قدراته التي يتطلبها مجال العمل. ولم تغفل الجامعة عن هذا، ولكن نسبة المستفيدين ممن تمثلوا الأداء الصحيح للعمل قليلة. ومن هنا فلعله من المناسب أن تصمم الجامعة برامج خاصة لتدريب السكرتارية لفترات مختلفة وفق مايتطلبه عملهم وتزودهم بالمغريات المادية التي تساعد على تعزيز دافعية التعلم وتطوير الذات. وفي الوقت نفسه، يمكن إعطاء المقصّرين الفرصة للبحث عن عمل آخر يناسبهم -داخل الجامعة أو خارجها- ماداموا غير قادرين على التكيف مع النهج التطويري الجديد الذي تعيشه الجامعة. جدير بالذكر أن مهمة السكرتير من المهام الأساسية لنجاح الأعمال الإدارية التي تتطلب المتابعة والإعداد والتنظيم والتعامل مع المراجعين ، وتتطلب مهارات ذاتية كالذكاء الاجتماعي والسرعة والدقة واللباقة والاحترام، وأخرى تدريبية تتعلق بإجادة مهارات خاصة بالعمل. ومن حسن الحظ أنك تجد نماذج تمثل هذا المستوى الاحترافي من بعض الموظفين في الجامعة، ولشدة إعجابك بهم مقابل ماتجده من غيرهم تتمنى أن يعرف عنهم الجميع ويستفيد من مهاراتهم، ومنهم الأستاذ فيصل الخترش سكرتير المجلس العلمي الذي يعمل بمهارة عالية تتمثل في سرعة إنجاز العمل ودقته فلا تتأخر معاملة في مكتبه لدقائق. وهو ماهر في حسن التواصل فيتعامل مع المراجعين بلباقة وذوق، ويؤلمه أن تجلس تنتظر فيبادرك بلطف معتذرًا عن التأخر محاولا جهده توفير راحتك وتسهيل أمورك. إنه نموذج للموظف المثالي الذي يجيد تمثيل نفسه وتمثيل الجهة التي يعمل فيها، وهو ما نؤمل تكراره في بقية الجهات.