انشغلت المجالس والتجمعات الواقعية والافتراضية (الإلكترونية) بمناقشة الحدث الإعلامي البارز هذه الأيام المتمثل في (رمي الصحفي العراقي منتظر الزيدي حذاءه على بوش) ردود الأفعال الشعبية العربية جاءت في معظمها مرحبة وسعيدة بهذا الحدث بل وأطلق بعضهم دعوات لشراء هذا الحذاء بملايين الدولارات، لكن ما يهم برأيي هو فهم الموقف بطريقة "فنيّة" فالحذاء رماه "صحفي" وليس رجل شارع عاديا. ردة فعل بوش كانت هادئة ومبتسمة وهي أقل المهارات اللازم توفرها لأي رئيس دولة فكيف بأمريكا، لكن الغريب فعلاً.. هو استغلال بوش لهذا الحدث لتسويق القيم التي تواجد في العراق لأجلها كما يقول فقد قال: "هذا دليل حرية" وهذه هي لعبة البروباجاندا المتوقعة. لو عدنا بالسنوات إلى الوراء فلن ننسى المشهد الذي بثته مئات القنوات حول العالم لتمثال صدام حسين وعدد من العراقيين يركلون التمثال ويصفعونه بالنعل، أيدلوجيا الصورة كانت تقول لكل الناس: العراقيون فرحون بهذا التغيير ويرحبون بالتواجد الأمريكي.. ذاتها أيدلوجيا الصورة نطقت مرة أخرى لتقول ان الصحفي الذي لم يتحدث بمهنية صحفية معتادة بل نطق كرجل عراقي عادي كان يشتم بوش وشاركه شعوره ملايين الناس، هل يمكن أن يلام الملايين لموقفهم تجاه احتلال بلد وتدمير ثروته؟ بالطبع لا، لكنّا نلوم الصحفيين الحاضرين في المؤتمر الصحفي؛ عن عدم توجيه (ضربة مهنية) تسأل بوش عن مصير 22صحفيا عراقيا لاقوا القتل من الجنود الأمريكان منذ عام 2003ولماذا لا تطلق القوات الأمريكية سراح مراسل رويترز رغم قرار إخلاء سبيله من القضاء العراقي، وعن معنى قتل الآلاف من العراقيين العزل بدعوى تحرير بلادهم، نحتاج للغة إعلامية (محترفة) تستغل الحدث تماماً كما فعل بوش حينما سمى الاحتلال"حرية".