(موقع) تسلَّل في هدأة النخل حنَّطت الريح فيه الظلال وداخت به أثرُ العابرين يدورُ به الوقت.. دائرة تلو أخرى عجاج على أول الصبح ينمو على جانبيه الجفاف ويملؤه الصمت حدَّ السكون! ويبقى.. كما كان أو كيفما سيكون قلاع وأوسمة نادبة.. وشيخ تلفّعَ بالموت.. يسلكه كلما رمَّد الدموع حور العيون سحنته من عويل البيوت وأسباله من تراب المنون! ويبقى كما كان أو كيفما سيكون!! (حفاة) حفيف النخيل مع الريح ذكرى على خطوات حفاة الجنازة: (له دين عندي..) (لي دين كيف سآخذه بعدما أودعوه التراب؟!) (ليرحمه الله..) (قد كان براً ومات شاخ فيه الشباب!) (أسوف أموت.. أنا مثله كنت أزرع أرضاً لتأكل منها العصافير ما كنت أهدمها عشها.. وحتى فراشات حنائنا.. كشفت لها حيلة العنكبوت!! أسوف أموت؟!!) عويل جدارٌ تهدم.. كان التفيُّئ فيه هناك على أول الدرب جدي يقول: (قَفاً الحبيب وصك الباب واليوم بان اليتيم فيه واشكي على جملة الاصحاب واحوالي اللي جرت ليه) ويمضي به موكب العمر.. لم يبق للجدِّ غير اللحاق!! ولم يبق لي حين كنت على أول الدرب أذكر ما قال جدي سوى الاختناق!! أسوف أموت؟! لقد مات جدي ومات أبي ومات النخيل بقلبي لقد مات حتى حذائي..! ومازال في حينا من يموت!! وقريتنا كلها في الطريق إلى الموت.. إلا (مُسَمَّى) الطريق!! م ط ر ا ق ا ل ج ن ا ئ ز @ طريق يمتد بين قريتين من قرى ينبع النخل..